مالكم مخلوعين..ميساج غير هادئ لمحترفي الثرثرة
مالكم مخلوعين..ميساج غير هادئ لمحترفي الثرثرة
أشعر اليوم، وأنا أحظى بتجديد الثقة من طرف زميلاتي وزملائي في الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين ، بمسؤولية مضاعفة أكثر مما أشعر بارتياح شخصي أو اعتزاز فردي.
لأن هذه الثقة ليست مجرد تكليف إداري أو انتخاب عابر، بقدر ما هي رهان جماعي على مستقبل مهنة الصحافة في بلادنا، وعلى صمودها في وجه الأعاصير التي تستهدفها من الداخل والخارج..
أود أن أهنئ كل الأعضاء على ثقتهم في شخصي المتواضع وعلى الأجواء الإيجابية التي مر فيها الجمع العام وعلى إيمانهم المشترك بالطموحات التي تمثلها الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين بالمغرب.
ما ربحه الجمع العام الناجح للجمعية يتجاوز شخصي ليشمل كل أعضاء الجمعية من زملاء وزميلات أعتز وأفتخر بما يبدعون حتى في ظل موجات الإحباط والوضع الاقتصادي المزري للمقاولات الإعلامية
والظروف الاقتصادية الصعبة التي خلفتها كورونا والتضخم العالمي وانعكاسه على مقاولات صحافية عديدة أصبحت في وضع هش،
إنه أيضا انتصار لكل المؤسسات الصحافية الجادة التي تؤمن بأن الإعلام رسالة قبل أن يكون مهنة، وبأنه واجهة وطنية قبل أن يكون منبراً عابراً.
لقد وعدت زملائي، وأكرر الوعد اليوم علنا، سنسير معا، كتفا إلى كتف،مع كل الأصوات الجادة والمؤسسات الصحافية الحقيقية، لتحقيق ما التزمنا به، أحلامنا كبيرة، وطاقتنا أوسع من أن تحدها العراقيل الصغيرة،
ومشروعنا أكبر من أن تُوقفه حملات التبخيس أو أساليب التشهير الرخيصة.
ما أعلنت عنه من رفع أجور العاملين في الصحافة وضمان عيش كريم للصحافيات وللصحافيين ومن زيادة الدعم للمقاولات الإعلامية، ومن تطهير المهنة ممن لا يستحقون الانتساب إليها بغير وجه حق،
هو حقيقة وليست أكاذيب انتخابية، وسأعمل رفقة أعضاء المكتب الجديد في الجمعية بنفس الحماس وأكثر لتحسين شرط الممارسة الصحافية، وأننا لن نفرط في مهنة الصحافة،
لن نترك الملعب ليمرح فيه السماسرة والمتطفلون والمتاجرون بالصحافة، ولن نسمح بأن تُختطف المهنة لتُستعمل كأداة في أجندات لا علاقة لها بحق المغاربة في إعلام حر ومسؤول.
إن من يحاولون تشويه الناجحين أو تحويل النقاش إلى حملات تشهيرية، يعتقدون أن تدوير الكلام الفارغ سيصنع لهم مجداً أو يفتح لهم أبواب الاعتراف.
والحقيقة أن الإساءة لا ترفع الفاشلين ولا تحطّ من قيمة من يشتغل بجدّ وصدق.
فالتاريخ لا يُكتب بالشتائم بل بالعمل والإنجاز والتضحيات.
الرصيد الحقيقي للناشرين المغاربة ليس في الضوضاء التي تُفتعل في مواقع التواصل، ولا في الهمسات التي تتغذى على الوشايات،
بل في مراكمة التجارب وفي حماية حرية الصحافة بقدر ما نحمي شرف المهنة، وفي تقديم إعلام القرب الذي يليق بانتظارات المواطن المغربي ويواكب تحولات بلاده ويقاوم محاولات الاختراق والتبخيس.
نحن اليوم أمام رهانات كبرى، في مقدمتها تأهيل المقاولة الإعلامية لتكون قوية وقادرة على الاستمرار بعيداً عن الهشاشة. تطوير مضامين إعلامية مسؤولة، تضع القارئ والمشاهد في قلب أولوياتها،
لم نكن يوما ضد “بودكاست” الاستوديوهات المسؤولة داخل المقاولات الإعلامية كما ذهب أولئك الذين في قلوبهم زيغ ولوَوا عنق تصريحاتي،
وإنما ضد الإساءة للمهنة عبر “بودكاسات” الغرف الموجهة وضد الربح الشخصي على حساب الخدمة العمومية..
ولأولئك الذين يحاولون الاصطياد في المياه العكرة، نقولها بوضوح: لن تنالوا من شرف الصحافة، ولن يكون لكم مكان بين رجال ونساء خبروا أن الإعلام رسالة ومسؤولية قبل أن يكون مكسباً أو ابتزازا .
إن الصحافة المغربية يجب أن تبقى حرة، قوية، عصية على الترويض أو التبخيس.
نعلم أن هناك من يتوهم أن الطريق إلى الشهرة يمر عبر الإساءة إلى الناجحين.
هناك من يظن أن تدوير الكلام الفارغ أو افتعال الضوضاء،سيصنع لهم مجداً وهمياً أو يمنحهم اعترافاً مفقوداً.
لكن هؤلاء ينسون أن التاريخ لا يكتب بالشائعات وإنما بالمنجزات، وأن الصحافة لا تُبنى على الأحقاد وإنما على النزاهة. لسنا منشغلين بهم، ولا بثرثرة من يحاولون أن
يرتقوا إلى سمعتنا عبر التشهير بنا. نحن مشغولون فقط بمستقبل هذه المهنة، بمشاريعها الكبرى، برهاناتها الثقيلة.
مرحبا بالنقد البناء، لأننا نؤمن أن العمل الإنساني دوما محاط بالنقص، ولسنا فوق الأخطاء ومستعدين للاستفادة منها، ونشكر من يوجهنا إليها بحب، نحن لا نرد على “الفرمانات الافتراضية” التي تُكتب بحقد،
ومن يحاول ارتداء جبّة كافكا وهو لا يتقن حتى إغلاق أزرار قميصه. ويتوارى خلف قاموس النواح والتهويل ودغدغة المشاعر بأسلوب المظلومية .
لأن الواقع أبلغ: الإعلام الحقيقي يقاس بما ينجز على الأرض، لا بما يصرُخ به الحالمون بالفضاءات المعلومة .
فالتاريخ لا يكتب بالمراثي بل بالمنجزات.
نحن لا نُدفن بالإنشاء ولا نُحاكم بالهذيان، لأن ما نصنعه واقع صلبٌ لا تهزه مناشير الحقد. الإعلام يُقاس بقدرته على البقاء والتأثير لا بثرثرة الهامش ولا بأدب المظلومية.
ومن يصرخ “نهاية الصحافة” كل صباح، إنما يوقّع على نهايته هو، أما نحن فماضون مع من يملكون الشجاعة لصنع إعلامٍ يُسمع ويُصدّق، لا مجرد صدى يتيه في هواء فارغ.
إننا، برفقة كل من يؤمن بأن الصحافة رسالة وطنية، قادرون على أن نصنع الفرق. قادرون على أن نُنجز ما التزمنا به أمام زملائنا وأمام الرأي العام.
قادرون على أن نحمي المهنة من عبث العابثين والمسطيين والمكبوتين، وأن نبقيها منارةً للحرية والمصداقية. هذه معركة طويلة،
لكنها معركة تستحق أن نخوضها. لأن الإعلام ليس فقط مجالاً للعمل أو فضاءً للتعبير، بل هو أحد أعمدة الديمقراطية الوطنية،
وإننا لعلى يقين أن التاريخ سينصف من ضحى وأخلص، لا من باع واشترى واغتصب وابتز،
لا ترغمونا لنعود معكم لفضائحكم، أما المسطيين فأنصحهم بزيارة أقرب مستشفى للأمراض العقلية لأن “بويا عمر” أصبح من الماضي.