الملكية و الملك محمد السادس عنوان الحداثة و التقدم المتجذرين بعراقة التاريخ
بوح الأحد : الملكية و الملك محمد السادس عنوان الحداثة و التقدم المتجذرين بعراقة التاريخ، تقدير معهد ROCK الفرنسي يكشف الحقيقة الساطعة، الجوكير يعري نفسه و أشياء أخرى…
أبو وائل الريفي
ذكرى ثورة الملك والشعب مناسبة تستنهض همم المغاربة في كل سنة ليسترجعوا ملحمة تاريخية صنعها تلاحم الشعب والملكية والحركة الوطنية للمطالبة باستقلال المغرب في تجربة فريدة من نوعها في تاريخ حركات التحرر من الاستعمار.
تتيح هذه المناسبة في كل سنة إعادة شريط ذكرى أبانت فيها الملكية عن طابعها المواطن والمتجذر في المجتمع والمنحاز للشعب واختيارها التضحية من أجل المغرب حيث وضعت نفسها في الصف الأول بكل أفراد العائلة دون اكتراث لتبعات تلك التضحية ودون خضوع للمساومة على المغرب والمغاربة.
عراقة الملكية في المغرب و امتداداتها الشعبية وتغليبها لمصلحة المغرب يجعلها في مكانة سامية عند المغاربة ومحط إجماع لديهم، وبالمقابل تستحضر الملكية هذه المكانة في كل أعمالها ولذلك فهي تتعامل مع المغاربة جميعا على قدم المساواة وتتخذ نفس المسافة من كل الفرقاء وتنجح دائما في الحفاظ على وحدة المغرب وتلاحم مكوناته وانصهار كل روافد هويته لتصب في هوية جامعة هي “تمغربيت” التي كرسنا هذا البوح منذ بدايته لإعادة سبر معانيها.
ينظر العالم اليوم إلى الملكية المغربية باعتبارها إحدى أعرق الملكيات في العالم التي راكمت تجارب وخبرات وكرست تقاليد وأعرافا وأبدعت ممارسات وخطابا وأساليب تحمل بصمة خاصة تميزها عن غيرها من النظم الملكية في العالم.
ولا شك أن أهم ما يساعد على نجاح الملكية في المغرب هو حالة الرضى والالتفاف والاحتضان الذي تحظى به من طرف كل مكونات المجتمع باختلاف أعراقها وأعرافها وألسنتها وأديانها لأنهم وجدوا فيها القدرة والاستطاعة لتذويب هذه الاختلافات ودمجها لتنتج قيمة مضافة في محيط تتعارك فيه الإثنيات والقوميات والمعتقدات.
ولا شك أن مما ساعد على ذلك مع مطلع الألفية الثالثة كذلك وجود محمد السادس ملكا وارثا لعرش بتلك العراقة في ظرفية عولمة وانفتاح لم تصمد فيها الكثير من التقاليد والخصوصيات تجاه زحف محاولات التنميط والنمذجة القسرية الموحدة والماحية لكل الخصوصيات.
ونحن نخلد ذكرى ميلاد الملك محمد السادس نستحضر تلك الظرفية لنتذكر أن وجود شخص محمد السادس على سدة الملك كانت جسر عبور المغرب إلى هذه الألفية ومفتاح ربح كل رهاناتها بتكوينه الأكاديمي الرصين والمتعدد المشارب، وبشخصيته المستوعبة جيدا للتحولات في العالم والخبيرة بكل تاريخ المغرب، وبقدرته العالية على تدبير ما يبدو للبعض تناقضات بينما رأى فيه جلالته فرصا مساعدة لإدماج المغرب في تلك التحولات دون التفريط فيما شكل دوما عنصر قوة لدى المغرب والمغاربة وهو خصوصيته وتقاليده وتراثه وتدينه.
اقتنع أكثر المعارضين للملكية وقتها بمحمد السادس وتميزه وهو يرى الطريقة التي تفاعل بها مع ملف شائك كاد يحدث شرخا في المجتمع. لاحظ الجميع كيف ساهم التدبير الملكي لموضوع خطة إدماج المرأة في التنمية في إعادة لم الشمل وجمع الكلمة حيث تحقق إجماع مغربي حول مدونة عصرية صياغةً ومصادقةً ومحتوى دون أن تفرط في مبادئ الدين الإسلامي.
زاد اقتناع الكل بعبقرية شخص محمد السادس وهم يرون سرعة فتح ورش إعادة هيكلة الحقل الديني وفق خصوصيات مغربية صرفة متوارثة حفظت للمغرب تدينا متميزا متناسبا مع طبيعة المغاربة ومتناغما مع حضارتهم وجغرافيتهم وأعرافهم وتمدنهم. وقد سجل الجميع لمحمد السادس تمكينه لرباعية إمارة المؤمنين ومذهب مالك وعقيدة الأشاعرة وتصوف الجنيد السني، وهي رباعية شكلت حصنا حصينا ضد كل دعوات الغلو والتشدد والتطرف.
لكل ما سبق، تشكل ذكرى 20 و21 غشت مناسبة سنوية يقتنع فيها المغاربة أن الملكية والملك محمد السادس مؤهلان ليكونا دوما رمانة الميزان الذي يزن بالقسطاس كل الأعمال والمبادرات والإنجازات للحفاظ على توازن في الدولة والمجتمع (أولا)، وليكونا حكما بين المؤسسات والمكونات حيث يطمئن الكل لهذا التحكيم لأنهم مقتنعون أن الملك ليس طرفا ولا صاحب مصلحة لترجيح كفة أي من الفرقاء أو المؤسسات على حساب أخرى (ثانيا)، وليكونا الضامن لوحدة المغرب وتكامل مكوناته (ثالثا)، وأنه الضامن للمغرب للوفاء بالتزاماته واحترام تعهداته تجاه المنتظم الدولي بصفته الممثل الأسمى للأمة (رابعا)، ولذلك فهو المستأمن على تحديد وحسم الاختيارات الكبرى للدولة حتى لا تسقط استراتيجيتها رهينة للانقسامات الحزبية والحسابات الانتخابية (خامسا).
نحن في النهاية أمام ملكية من أعرق الملكيات في هذا العصر، تساير التطور دون التفريط في الجذور بمقاربة تجديدية تلقى قبولا مجتمعيا وترحيبا دوليا، ولذلك تظل الملكية عنصر قوة للمغرب وضمانة كبيرة للمغاربة. من لم يستوعب هذه النقاط ويسعى للنيل منها تكون نتيجته عزلة مجتمعية لأن المغاربة يلفظونه ويجعلونه في الهامش يأكله النسيان بالتدريج حتى يندثر وكأنه لم يكن له أثر من قبل.
في الوقت الذي تتواتر فيه الشواهد والتقارير والدراسات حول النجاعة الأمنية ترتفع الحملة التشهيرية ضد المؤسسة الأمنية وغيرها من آليات حماية السيادة بشكل غير مبرر وبوسائل الكذب والرمي بالباطل واختلاق الأراجيف التي لا منطق يحكمها.
تقرير حديث (غشت 2025) صدر عن معهد روك ROCK، الفرنسي المتخصص في الدراسات الأمنية والفكر الاستراتيجي والذي يشتغل على منطقة أوربا وافريقيا والشرق الأوسط، بالتعاون مع مجموعة Quantinel الفرنسية خلص إلى أن الاستخبارات المغربية رسخت مكانتها كإحدى أكثر المنظومات الأمنية والاستخباراتية فاعلية في المنطقة لأنها زاوجت بنجاح بين التطوير المؤسسي وفق آخر المنظومات المؤسساتية الدولية، والتحديث القانوني للملاءمة مع الاتفاقيات الدولية، والعمل الاستباقي باعتباره أفضل أسلوب لهزم التهديدات بأقل الخسائر، وتعزيز التعاون الدولي لأنه هو الوسيلة الأنجع لمجابهة المنظمات الإرهابية والإجرامية التي توسع شبكات علاقاتها وتعاونها، وهو ما أهلها لربح رهان الحفاظ على السيادة في زمن التهديدات الهجينة.
لا تتسع مساحة هذا البوح لعرض كل أفكار هذا التقرير ويمكن لكل مهتم الاطلاع على تفاصيله، ولكن القصد من الإشارة إليه هو تأكيد ما قلناه دائما بأن المغرب طور مقاربة أمنية بينت نجاعتها وأثبتت كفاءتها بفضل نظام تدبير وإشراف وتخطيط يرعاه الملك تمكن من خلق تكامل بين مختلف آليات تأمين المغرب والمغاربة. ولم يمر وقت قليل حتى جاءت الشهادة الأخرى من الضفة الشمالية للمتوسط، حيث ساهمت المعلومات التي زودت بها المخابرات المغربية نظيرتها الإسبانية في توقيف شخصين في بلدة فالفوغونا دي بالاغير بإقليم ليريدا للاشتباه بتورطهما في جرائم التطرف، وما أكثر الخدمات التي تسديها المخابرات المغربية ويكون لها دور حاسم في إبطال تهديدات إرهابية.
ليس غريبا أن تتجه ماكينة التشهير والاختلاق ضد هذه الآليات لتسفيه وتبخيس عملها واختلاق الأباطيل ضدها والترويج لصراع وهمي بين مكوناتها لأن الطوابرية الحاقدين على نجاحات المغرب يستوعبون جيدا أنها نقطة قوة المغرب وأهم ذراع للملكية تحظى بثقة ورعاية ورقابة الملك مباشرة وهو الذي ينتقي بمعايير دقيقة وصارمة من يتولى مسؤوليتها.
تساهم المؤسسة الأمنية والاستخباراتية المغربية بجهود كبيرة في دبلوماسية موازية وتهييء مناخ ملائم لتشجيع الترويج للمغرب كبلد آمن ومؤهل لاستيعاب السياح والمؤتمرات والمناسبات الكبيرة وهو ما يزيد من حقد الطوابرية عليها.
اكتشف المغاربة في استقبال عبد اللطيف حموشي للواء خالد بن حمد العطية، رئيس الاتحادين الرياضي القطري والعربي للشرطة، بعدا آخر لاشتغاله في تعزيز مكانة المغرب واسترجعوا مع هذا الاستقبال المكانة التي حظيت بها المؤسسة الأمنية وشخص حموشي في كأس العالم في قطر لتأمين فعالياته. استقبال أكد مرة أخرى أن الرجل يشتغل في صمت ولا يعلن مما يقوم به إلا ما تقتضيه الضرورة وتستوجبه المناسبة فقط.
لم يكن مستغربا أن تستعر الحملة التشهيرية ضد المؤسسة الأمنية لأن الهدف هو التشويش على مناسبة عزيزة على المغاربة باستهداف أحد أعمدة الاستقرار فيها، ولم يكن مستغربا التركيز في الاستهداف على شخص حموشي لأن التشكيك في غياب استراتيجية أمنية لم ينجح، ولأن تسريبات اختلاقانوت ماتت في المهد، ولأن الطوابرية لم يعد لهم من الذخيرة شيئا بعد نفاذ كل الملفات المخدومة والمفبركة على المقاس، ولم يتبق غير استهداف شخص حموشي للوقيعة بينه وبين الملك والمغاربة.
لم يكن الكاميكاز هذه المرة سوى شيخ متصابي ينعم بإقامة سويسرية وينظّر منها للمغرب الذي يحلم به ليخدم من خلاله مصالحه الريعية التي دأب على الاستفادة منها مقابل توريط فئات من المغاربة في ديون منقلبا على ماضيه البروليتاري أو ادعاءاته حول العدالة الاجتماعية والشفافية. بلغ الحقد والعدمية وقلة الحيا بهذا الانتقائي الانتقامي أن يتجرأ على ثوابت المملكة الشريفة الثلاثة “الله، الوطن، الملك” ويطالب بإضافة ثابت رابع هو عبد اللطيف حموشي، وأن يقرن اسمه بأوفقير والدليمي.
لا شك أن الوصول لهذه الحالة المرضية من الاختلاق والحقد تنبئ عن حالة البؤس واليأس والخفة التي صار عليها هذا المراهق العجوز، ولكنه لم يستوعب جيدا أن حموشي أثبت في أكثر من مناسبة أنه أكثر المتشبثين بالثوابت الثلاثة، وأكثر العاملين من أجل الحفاظ عليها، وأنه لا طموح له في أي منصب سياسي أو وزاري لأنه اختار ما يتقن من مجال تخصصي أثبت فيه كفاءته ونجاعته وأبدع فيه بشكل لم يسبقه إليه من تولوا هذه المهمة وما يزال يفاجئ المنتظم الدولي بقدراته التي جعلت المغرب مطلوبا للتعاون معه لمحاربة الإرهاب والجريمة.
سموم الإيقاع بين الملك ومؤسسات الدولة وبين حموشي لا مفعول لها لأن الرجل أكد للجميع بأنه منشغل بمجال تخصصه ويحترم حدود اختصاصاته ويضع المؤسسة الأمنية في خدمة المصلحة العامة فقط دون تمييز بين كل المغاربة.
أكبر مكافأة يعتز بها حموشي هي الثقة الملكية التي تأكدت في أكثر من مناسبة، ومنها برقية التعزية الملكية في والدته والتي عبر فيها الملك عن رضاه عن حموشي بعبارات تستحق المناسبة التذكير بها “إذ نشاطركم مشاعركم في هذا الرزء الفادح، الذي ألم بأسرتكم، فإننا ندعوه سبحانه، أن يحفظكم من كل مكروه، مؤكدين لك سابغ عطفنا، وموصول رضانا، وسامي رعايتنا”. في هذه البرقية كشف جلالة الملك بعضا من خصال حموشي التي زادته رفعة عند المغاربة لأنه كان بارا بوالدته التي كان لها فضل في تربيته وباقي أفراد الأسرة على معاني الإيمان وقيم النبل والوطنية “مثلكم في قوة الإيمان بقضاء الله وقدره، لن يزيده هذا الابتلاء إلا صبرا واحتسابا لحسن الجزاء عند الله. وخير عزاء في رحيل الفقيدة الكبيرة أنها أنجبت أبناء بررة، وخلفا صالحا مثلكم، وربتكم التربية الحسنة على مكارم الأخلاق، وعلى قيم الوطنية الصادقة، والتشبث بثوابت الأمة ومقدساتها”. هل من يشهد فيه الملك بمثل هذه الشهادة يمكن أن يطمح لأكثر منها؟ وهل من تربى على مثل تلك القيم يمكن أن يكون في غير الموقع الذي يخدم المغرب والملكية والمغاربة؟
المكافأة التي يعتز بها حموشي هي الاحتضان الشعبي والترحيب الذي يلقاه في كل مناسبة عامة أو خاصة في الشارع العام حيث يسارع المغاربة بمختلف فئاتهم وشرائحهم لالتقاط الصور معه ولا يقابلها هو إلا بالقبول والابتسامة والتلقائية والتخلص من ثقل البروتوكول الذي يعكس حالة الأمان والاطمئنان التي يعيش فيها الرجل وسط بلاده وبين مواطني بلاده. يعرف المغاربة أن حموشي واحدا منهم ويحس بمعاناتهم لأنه ابن المغرب العميق الذي عاش كل ما يعيشه المغاربة ولذلك فالكثيرون يستلهمون من تجربته ومساره ليضفوا التفاؤل والإيجابية على مسارهم ولا يلتفتوا للمثبطين. نعم قصة حموشي وغيره من أبناء الشعب الذين صنعوا مجدا مهنيا وطنيا يتخذها المغاربة قدوة لهم ويستلهمون منها لإنجاح مساراتهم.
المكافأة التي يعتز بها حموشي هي الشهادات والتوشيحات والتتويجات الدولية التي استحقها عن عمله والتي لم ينظر إليها يوما أنها تتويج له بقدر ما اعتبرها تتويجا وشهادة للمغرب لأنه وضع نفسه في خدمة المغرب والمغاربة وضحى بالكثير مما ينعم به غيره ممن يتولوا مسؤوليات في الدولة انسجاما مع طبيعة المهمة التي يشغلها ومتطلباتها مقارنة مع غيرها من المناصب. فالمؤتمن على أمن المغرب ملزم أن لا يستمتع بما يستمتع به غيره إن أراد النجاح في مهمته.
لن ينجح المتصابي قليل الحيا في النيل من شخص حموشي والوقيعة بينه وبين مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الملكية لأن أواصر الثقة مبنية على أسس صلبة لن تزعزعها تدوينات طائشة من قابع في الخارج يائس من كل شيء وفاشل في كل شيء.
لقد كان مثيرا هذا الأسبوع عودة البريمادونا بوبكر لأسطوانته المشروخة عن المغرب، وقد قلت دائما أن اللجوء إلى خدماته هي أشبه باللعب بالجوكر لدى الطوابرية.
هذه المرة حرق الطوابرية جوكيرهم لأنهم أسقطوا عنه رمزية ظل ينتشي بها دائما، وهي أنه اختار المنفى الطوعي متنقلا بين فرنسا وإسبانيا. هذه المرة أطل البريمادونا -كما لقبه صديقه القديم في كتابه وهو الأدرى بسيكولوجيته – على متابعيه وهو ينعم بعطلته الصيفية من المغرب وكان يبحث بتهوره عن لعب دور البطولة الصبيانية لنيل شرف المتابعة ولكنه لم يحظ بذلك لأنه في بلد حر وحرية التعبير فيه مصانة للجميع وما على المستفز للمغاربة إلا تحمل مسؤوليته تجاههم.
ظل البريمادونا ينتشي بصوته النشاز كمن ينتشي بالغناء في الحمام يطرب نفسه ويزعج من يستمع إليه لأنه يعيد تدوير متلاشيات الكلام الذي يكرره في كل المناسبات منذ ما يقرب العقدين من الزمن لأنه واقع أسير الماضي وأسير مصالحه الشخصية التي يرى أنها تضررت.
من تابع الجامعي المزور الذي يدعي باطلا أنه أستاذ يلحظ عدم مواكبته وعدم متابعته لمستجدات ملف الصحراء المغربية التي انتهى عهده بها يوم حاور زعيم الانفصاليين في سياقات مشبوهة يتجاهل ذكرها ومن كان وراءها والهدف منها، كما يتجاهل كل الانتصارات الدبلوماسية والسياسية والميدانية التي حصدها المغاربة لفائدة حكم ذاتي يتعمد تبخيسه رغم أن جل المنتظم الدولي يعترف به وحصد اعتراف إسبانيا وأمريكا وفرنسا وبريطانيا وأغلب دول افريقيا والدول العربية ودولا كثيرا من أمريكا اللاتينية. لماذا إذن هذا الحرص على تجاهل كل هذه المستجدات؟ الجواب واضح ويزيده وضوحا بذل البريمادونا مجهودا خرافيا لإبعاد الجارة عن هذا الملف وكأنها ليست الطرف المواجه لمقترح الحكم الذاتي الذي يتحكم في الكيان الوظيفي الذي صار المنتظم الدولي يرى فيه سرطانا يهدد المنطقة كلها.
من تابع “الجامعي” الأناني يكتشف تضخم الأنا عنده بشكل يجعله في حالة مرضية لأنه يدعي معرفة كل شيء ويتحدث في كل شيء وهو محور كل شيء، ولا بأس أن “يدوخ” على متابعيه ببضعة أسماء أجنبية لمراكز أو شخصيات أو التصريح بأنه لن يذكر الأسماء ليضرب أتباعه على “الشعا”، والواقع أنه شخص يعيش على الهامش معزولا لم يعد يرغب أحد في التعامل معه لأن أفكاره قديمة والكل اكتشف مرضه وأنانيته وكذبه فهو يدعي بأنه الوحيد الذي حاور زعيم الانفصاليين بينما بحث بسيط على الشبكة العنكبوتية يبين أنه ليس وحده وإن كان الحوار في حد ذاته ليس بطولة لأن السياق والمحتوى هو الذي يجعل من الحوار ذي معنى.
يصر “الجامعي” غير النزيه على قراءة الوقائع بعيدا عن المنطق وبتعسف على الحقائق، ومثال ذلك ما قاله بشأن زيارة بولس مسعد للجزائر التي رأى فيها وحده ضررا للمغرب بينما كل من كتب عنها وتناولها أقر فيها أن مبعوث ترامب كان صريحا مع الجزائريين بشأن الدعم الأمريكي للمغرب في مقترح الحكم الذاتي ولم يخضع لدبلوماسية الصفقات والغاز. لو بذل مجهودا بسيطا واطلع على حوار بولس مسعد مع جريدة الوطن لاكتشف أنه مجبر على إعادة النظر في كل كلامه ولكنه يتعمد تجاهل الحقائق لأنها لا تخدم مصالحه وأهواءه. هو معذور في كل هذا لأنه هو صاحب كذبة أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء ليس قرار دولة وبأنه تم في اللحظة الانتخابية الأخيرة لترامب وأنه سيلغى مع إدارة بايدن، وقد تهاوت أطروحته وكذبته وانهار معها ما تبقى عنده من مصداقيته لدى بعض ممن ما زال يقتنع به.
يستمر البريمادونا في تفضيل أواخر عهد الحسن الثاني على كل عهد محمد السادس، ليس حبا في المرحوم الحسن الثاني ولكن لأنه لا يرى المغرب إلا وفق مصالحه، وقد استفاد في ذلك العهد من امتيازات ظن أنها ستبقى إلى الأبد ولم يأخذ بعين الاعتبار أن مقاولات إعلامية نشأت في ذلك العهد وتفوقت عليه وسحبت البساط من تحت مقاولته التي نشأت في حضن الريع ولم تتمكن رغم كل الامتيازات من البقاء في المشهد الإعلامي.
بين “الجامعي” الحاقد أنه يتشارك مع غيره من الطوابرية حقدا دفينا على المؤسسة الأمنية التي كانت محور كل كلامه ومجازفته بالقول بأن المغرب يعيش انفلاتا أمنيا لا يوجد إلا في مخيلته المريضة. هو متأكد أن هذه المؤسسة تشكل الحائط في وجه كل “تنوعيره” للعودة إلى الأضواء، ولذلك استعار من صديقه المقيم في سويسرا أسطوانة غياب الاستراتيجية وإن طوّعها بالحديث عن وجود استراتيجيات فردية وغياب استراتيجية عامة.
لقد كان مثيرا حديث “الجامعي” عن المبتز الكندي الذي نال عاقبة فعله سجنا ووصفه بالظاهرة التي تستحق الدراسة والإشادة بمصادره القوية داخل الدولة رغم أن كل ما يتحدث عنه اختلاقات أو تسريبات حول أشخاص خواص أو تجار مخدرات ومصدره فيها هو خصومهم لأنه ارتضى لنفسه أن يكون أداة تصفية حسابات، وقد قال فيه القضاء الكندي كلمته الأخيرة وفق القانون الكندي وتمتع في كل أطوار محاكمته بمحاكمة عادلة لا يمكن له أن يشكك فيها.
لا يستحق أمثال هؤلاء الطوابرية إلا العيش على هامش مغرب ينمو ويحقق نجاحاته بأسلوبه الخاص بفضل خدمات من اقتنعوا باستراتيجيته وأحقيته أن يكون قوة صاعدة واستعدوا للتضحية من أجل ذلك.
المنشور الدعائي الإسباني التابع لليمين المتطرف وشبه الصحفي فيه المعادي لمصالح المغرب انضم كذلك لجوقة المروجين لصراع أجهزة في المحيط الملكي، بل إنه زاد عما قيل قبله وادعى أن المغرب على أبواب حرب أهلية مستعرة، وطبعا مصدره في كل ذلك ليس إلا من روجوا أنهم قريبين من الاستيلاء على السلطة ووعدوا عملاءهم بالمناصب والعطاء. هو منشور دعائي عنصري لا يحمل من اسمه مقدار ذرة من الاستقلالية ولو تسمى بها وادعاها.
لقد أثبت كل من يتابع المغرب وتحولاته أن مثل هذه الإشاعات لا تصنع رأيا عاما لأن المغاربة أصبحت عندهم مناعة تجاهها ويعتمدون مصدرا للمعلومة ما ينشر في الإعلام المغربي الذي ينشر كل الحقائق بشأن الوضع في المغرب بدون مركب نقص ما يزال صفة ملازمة لدى بعض الطوابرية أمثال “الجامعي” والملاوط وغيرهما.
يستغرب من يتابع أخبار تجار الحرب على غزة تزامن حملاتهم على المغرب مع كل خطوة مساعدة ودعم مغربي لأهلنا هناك.
كعادة الكثير من هؤلاء روجوا مرة أخرى إشاعات عن سفينة سترسو في ميناء مغربي محملة بالأسلحة ومتوجهة إلى إسرائيل، وطبعا أطلقوا العنان للنيل من المغرب كعادتهم وكأنه شريك في الحرب الهمجية على غزة. هذه المرة، وبمحض إرادتهم، توجهوا للقضاء بدعوى استعجالية لمنع هذه السفينة من الرسو في ميناء مغربي لاعتبارات تضمنتها مذكرتهم الموجهة للقضاء. وكعادتهم روجوا لتلك المذكرة في مواقع التواصل الاجتماعي وصمتوا عن مآل الدعوى لأنهم سحبوها بعد أن عجزوا عن إثبات وجود سفينة بتلك المواصفات التي ذكروها في مذكرتهم الترافعية ولأنهم خسروا تلك الدعوى.
هل تملك جمعية ابراهمة الشجاعة للاعتراف بذلك؟ هل يملك بعض من هيأة الدفاع هذه الشجاعة؟ لماذا تم الصمت عن خطوة سحب المذكرة؟ ألا يستحق الأتباع معرفة حقيقة هذا السحب ومبرراته ودواعيه؟ أليس هذا من ضمن حقوقهم في المعلومة؟ لماذا يحجبونها إذن؟ ألا يندرج هذا السلوك في إطار استهداف متعمد للنيل من سمعة المغرب واستهداف نشاط موانئ المغرب؟
وبعيدا عن هذا “الباطل” يستمر موقف المغرب ثابتا، ودعم أهل غزة متواصلا، والجديد شحنة مساعدات أخرى تضم 95 طنا، منها 75 طنا من المواد الغذائية الأساسية و20 طنا من الأدوية والمستلزمات الطبية سيتم نقلها عبر أربع طائرات عسكرية مغربية وطائرة تابعة للخطوط الملكية المغربية.
هذا هو مغرب الوفاء لقضاياه التي عبر عن الالتزام بها دائما.
موعدنا بوح قادم.