بوح الأحد:انتصار واقعية المغرب لا حل لقضية الصحراء إلا في اطار السيادة المغربية

بوح الأحد:انتصار واقعية المغرب لا حل لقضية الصحراء إلا في اطار السيادة المغربية

A- A+
  • بوح الأحد : اشكالية التعليم في المغرب الجذور و الوضعية الراهنة والآفاق من أجل مغرب المستقبل،ٱنتصار واقعية المغرب لا حل لقضية الصحراء إلا في اطار السيادة المغربية وأشياء أخرى…

    أبو وائل الريفي
    مع نهاية هذا الشهر يكون ٱنطلاق الموسم الدراسي قد اكتمل، وهي مناسبة للحديث عن ورش لا يمكن تجاهل أهميته الاستراتيجية. معركة المستقبل هي التربية والتعليم، ويتوقف شكل الدولة والمجتمع، ونجاحهما أو فشلهما، على حجم النجاحات التي تتحقق في هذا الورش.

  • كرر جلالة الملك في أكثر من مناسبة الحديث عن التعليم وأهميته، وجعل إصلاح منظومتنا التربوية “ورش كبير ومصيري بالنسبة لبلادنا انطلاقا من قناعتنا الراسخة بأن التربية هي قاعدتها الأساس لترسيخ قيم اجتماعية قوامها الاعتدال والوسطية والتحلي بروح المواطنة الصادقة المبنية على الممارسة الديمقراطية المسؤولة ودرعها الواقي من كل أشكال الانزياح نحو التطرف أو التزمت فضلا عن كونها السبيل الكفيل بإعداد موارد بشرية مؤهلة وكفأة من شأنها أن تزود مجتمعنا بثروة ثمينة لا ينضب معينها”.

    تكشف الأرقام أن المؤسسات التعليمية تحتضن، بمختلف مستوياتها وأسلاكها، حوالي 8 ملايين و271 ألف تلميذة وتلميذ، منهم ما يناهز 7 ملايين و4 آلاف تلميذة وتلميذ في التعليم العمومي، ويضاف إلى هذه الأرقام ما يقارب المليون ونصف المليون طالبة وطالبا.

    نتحدث إذن عن ما يقارب العشرة ملايين نسمة. هي أعداد كبيرة ستصنع دون شك صورة مغرب المستقبل، وستبصم، إيجابا أو سلبا، طبيعة القيم التي ستسوده، ولذلك يستحق هذا الورش اهتماما أكثر وأن يحظى بأولوية أكبر في كل المخططات والبرامج والسياسات والنقاشات.

    يبني التعليم المؤسسات والإنسان معا، ويحدد طبيعة القيم التي تسود في المجتمعات، ويؤثر على مجالات التشغيل وبناء الأسرة ونظام العلاقات المجتمعية، ويعطي للمواطنة مدلولها الحقيقي بما هي حقوق وواجبات، ويمثل الركيزة الأساسية والرافعة الرئيسية للتنمية الشاملة والمتوازنة والمنصفة، ويعتبر وسيلة مهمة للترقي الاجتماعي.

    ليس إذن من فراغ ظل الملك يركز في أكثر من خطاب على التعليم، فقد قال في خطاب افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية 2017-2018 “والمغاربة اليوم، يريدون لأبنائهم تعليما جيدا، لا يقتصر على الكتابة والقراءة فقط، وإنما يضمن لهم الانخراط في عالم المعرفة والتواصل، والولوج والاندماج في سوق الشغل، ويساهم في الارتقاء الفردي والجماعي، بدل تخريج فئات عريضة من المعطلين”، وبين في نفس الخطاب بأن الشباب هم الثروة الحقيقية للمغرب “فتأهيل الشباب المغربي وانخراطه الإيجابي والفعال في الحياة الوطنية يعد من أهم التحديات التي يتعين رفعها. وقد أكدنا أكثر من مرة ولاسيما في خطاب 20 غشت 2012 بأن الشباب هو ثروتنا الحقيقية ويجب اعتباره كمحرك للتنمية وليس كعائق أمام تحقيقها”.

    يمكن الرجوع إلى رسالة ملكية نفيسة حول التعليم مؤرخة بتاريخ 12 شتنبر 2000، بمناسبة الدخول الدراسي، سمى فيها جلالته هذا اليوم بالموعد الحاسم وأوصى بجعل “موعد افتتاح الدخول المدرسي ”يوما وطنيا للتربية والتكوين” سنحرص جميعا على إحيائه كل سنة تحت شعار ”الاجتهاد” وهو شعار نريد له أن يتجسد بشكل ملموس من خلال مفهومنا العلمي للاجتهاد المستمد من مرجعيتنا الإسلامية ومن حمولته الفكرية بوصفه جهدا فرديا ومجهودا جماعيا يوميا متواصلا وهادفا يتوقف عليه النجاح في بلوغ كل غاية نبيلة ومن تم فهو ذو بعد زمني عميق يندرج ضمن السيرورة التاريخية لتقدم بلادنا وتحقيق نهضتها الشاملة”.

    تحتضن تلك الملايين من التلاميذ مؤسسات تعليمية وتربوية يفوق عددها 12 ألفا و441 مؤسسة تعليمية، منها 6.886 بالوسط القروي (أي ما يقارب النصف)، وافتتاح السنة الدراسية مناسبة للوقوف على واقع هذه البنايات ومدى توفرها على كل ما يلزم من تجهيزات لإنجاح العملية التربوية، وتزويدها بما تحتاجه من لوازم. هذه مسؤولية القائمين على الشأن التعليمي، كما أن الحفاظ عليها مسؤولية كل مستعمليها والمستفيدين منها، وتتزايد الحاجة إلى التذكير بهذه البديهيات في ظل محدودية الإمكانيات التي يجب التحلي بحس كبير من المسؤولية في تدبيرها.

    هي مناسبة كذلك لتذكر الهيأة المشرفة على هذا القطاع والتي تتكون من أزيد من 299 ألف أستاذة وأستاذ، ومشاطرتها انشغالاتها وهمومها، والتفكير فيما تحتاجه من تكوين مستمر وتأهيل دائم لتبقى العملية التربوية والتعليمية مواكبة لكل التطورات المتسارعة التي تعرفها نظم ومناهج التربية والتعليم في العالم. تتزايد الحاجة إلى مراجعة المناهج والبرامج حتى تندمج المدرسة والجامعة في محيطهما لتكونا منتجة للمعرفة عوض استهلاكها فقط.
    افتتاح السنة الدراسية فرصة أخرى للمغاربة جميعا، كل من موقعه، ليسائل نفسه عما يقوم به لإنجاح هذا الورش لأن عمله هذا هو الذي يساهم به في بناء مغرب المستقبل.
    لا بد من سياسة عمومية في هذا المجال، وهو أمر مفروغ منه، وتساءل عليها الحكومة والوزارة الوصية، ودور المؤسسة التشريعية في الرقابة قائم وهي مسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة بشأنه. ولكن دور الأسر والمجتمع المدني قائم كذلك ولا يمكن الاستهانة به وتتيح الآليات التشاركية إمكانيات كثيرة ومساحات كبيرة للفعل المدني، ويلزم تفعيلها حتى لا نهدر الزمن والجهود ونضيع أجيالا وندفع ثمن ذلك.
    دور القطاع الخاص لا يقل أهمية، ويمكن في هذا السياق الاستلهام من تجارب دول كثيرة ساهم فيها هذا القطاع في تجويد المنظومة التربوية.

    مسؤولية الطاقم التربوي والتعليمي والإداري قائمة، وهي مسؤولية مزدوجة تجاه المجتمع والدولة أساسا، ولكن كذلك تجاه الضمير والنفس لأن التعليم ليس مجرد مهنة، بل هو رسالة تستلزم ممن ارتضى الانخراط فيه أن يستحضر في كل خطواته جسامة المسؤولية ومعايير متعددة قبل اتخاذ أي قرار. بقاء الطاقم التربوي متحفزا وبمعنويات مرتفعة وفق رؤية واضحة عنصر حاسم، ولذلك يلزم الإبقاء على نظام الحوافز المادية والمعنوية حيا.
    كل يوم يضيع بدون تدريس وتحصيل يساوي كلفة سندفع ثمنها عاجلا أو آجلا، وعلى كل الأسرة التعليمية التفكير جديا في خطوات بديلة للجوء إلى قطع الدراسة لأن أثرها خطير على النشء، وخاصة في مراحل التعليم الأساسي.
    دور النقابات مهم لإبداع أشكال نضالية قادرة على تبليغ الرأي وتجسيد الموقف دون استسهال خطوة الإضراب التي لا جدال في أنها حق دستوري ولكن الإكثار منها يمكن أن يصيب المنظومة التربوية بالشلل.
    نحتاج إلى زرع الأمل بجرعات كثيرة وسط المتعلمين لأنه لا نجاح مع اليأس، ويلزم إبراز النماذج الناجحة والبروفايلات المتفوقة حتى يستلهم منها المتعلمون معاني التفوق والتميز والتغلب على الصعاب.

    دور الإعلام لا يقل أهمية عن كل ما سبق، ومطلوب من كل الوسائط الانخراط في إعادة الاعتبار للمدرسة ونظامها.
    افتتاح الموسم الدراسي مناسبة كذلك للحديث عن الجامعة والتي ظلت ساحة للنقاش والتثقيف وفضاء لتدبير الاختلاف، وقد حولها للأسف بعض ذوي الأجندات المشبوهة إلى “مسلخة” وساحة لخوض معارك بالسواطير والسكاكين عوض مقارعة الفكرة بنقيضها وترك الحرية للطلبة لتشكيل قناعاتهم.
    مسؤولية الطلبة كذلك قائمة وقد بلغوا مرحلة عمرية ومستوى من النضج يؤهلهم لرفض كل التيارات التي تريد استغلال الجامعة كمتنفس سياسي وعقائدي وإيديولوجي، وتستسهل مقاطعة الدراسة والامتحانات لأتفه الأسباب، أو ربما لأسباب لا علاقة لها بالجامعة.
    مغرب المستقبل يصنع اليوم، ومغاربة المستقبل هم هذا الجيل الناشئ اليوم، وخير عمل يخلد به جيلنا حضوره مستقبلا هو ما نسديه من خدمة لجيل المستقبل، سواء في التربية أو التعليم أو التنشئة أو زرع قيم الإيجابية.
    نهاية الشهر أصبحت مرتبطة كذلك في الجدولة السنوية المغربية بمتابعة تداول مجلس الأمن حول قضية الصحراء المغربية لأنه عادة سيصدر قرارا نهاية أكتوبر يخص هذه القضية ومصير المينورسو. نتذكر أن آخر قرار في السنة الماضية كان هو القرار رقم 2756 الذي اتخذه المجلس في نهاية أكتوبر 2024 وأوصى فيه بتمديد ولاية بعثة المينورسو إلى غاية 31 أكتوبر 2025.
    كان ذلك القرار انتصارا بينا للمغرب بسبب مضمونه وخريطة المصوتين عليه. مضمون القرار كان تأكيدا على أن مبادرة الحكم الذاتي مقترح واقعي وذو مصداقية، وخريطة المصوتين كانت 12 صوتا مؤيدا وبدون أي اعتراض، وامتناع اثنين (2) عن التصويت، بينما لم يشارك عضو واحد في عملية التصويت. ولا أحتاج أن أذكر بطبيعة هذا المنسحب وسبب انسحابه الذي أكد أن عضوية دولته في المجلس لم تمكنها من التشويش على موقف المغرب ومقترحه حول الحكم الذاتي.
    أصبح الدخول السياسي في المغرب منذ سنين متخففا من ثقل موضوع التداول الأممي في قضية الصحراء بعد أن كان هذا الشهر يستنزف الكثير من الجهود. السبب واضح طبعا، فقد حقق المغرب انتصارات رسخت مكتسبات كبيرة راكمتها الدبلوماسية المغربية بفضل التوجيهات الملكية.

    أصبح الاستفتاء في خبر كان، ولم تعد أسطوانة الانفصال تطرب أحدا بمن فيهم من اعتادوا الاصطفاف إلى جانب دعاة الانفصال وحاميتهم.
    لم يعد مطروحا على الطاولة سوى حكم ذاتي مصاغة بنوده بعناية فائقة لحفظ ماء وجه الجميع وتحقيق الحل الواقعي وتأمين المنطقة كلها من مخاطر التهديدات الإرهابية وانتشار الجريمة والهجرة وتجارة الممنوعات.
    سيعقد مجلس الأمن مشاوراته وسمة الوضوح صارت هي الغالبة على مواقف الدول. خرجت أغلب الدول من المنطقة الرمادية وانحازت لمبادرة الحكم الذاتي لأن الجميع صار يستشعر مخاطر استمرار هذا الصراع على المنطقة، وكلفته المرتفعة على الجميع، وعدم جدية الطرف الآخر الذي يلوح، بدون أي سبب، بالعودة لحمل السلاح والحرب، وما يزال يتشبث بمقترح تأكد منذ سنين عدم واقعيته.
    ينتظر أن تكون مشاورات هذه السنة فرصة أخرى لحلحلة هذا الملف وإخراجه من حالة الجمود التي تسعى الجارة إلى إدامتها، وهذه مسؤولية مجلس الأمن التي لن يعوضها أحد فيها.

    هامش المناورة أمام المبعوث الأممي دي ميستورا ضيق، ولقاؤه الأخير مع مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الإفريقية كان فرصة لوضع النقاط على الحروف، حيث قال مسعد بولس “اليوم التقيتُ بمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة سعادة السيد ستافان دي ميستورا. أعدتُ التأكيد على الموقف الواضح للولايات المتحدة، وهو أن الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد الممكن للصحراء الغربية. ناقشنا أيضًا الدور الاستقرارِي لبعثة المينورسو ومسارات السلام الإقليمي. ممتن للتنسيق المستمر تحضيرًا للمناقشات المقبلة في مجلس الأمن”.
    قيمة هذا التصريح تكمن في كونه يصدر شهرا بعد زيارة بولس للجزائر ولقائه تبون وعطاف، وهو ما يؤكد أن كل المناورات الجزائرية والعروض السخية لم تزحزح الموقف الأمريكي الرسمي، كما تكمن قيمته في الجهة المتلقية له وهي المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة الذي سبق ولوح بمقترحات خارج السياق ليعيد التداول إلى مربع الصفر دون مراعاة لتداعيات ذلك على المنطقة كلها.
    يتضح اليوم أن قضية الصحراء المغربية التي أريد لها أن تكون سكينا على رقبة المغرب صارت عنصرا من عناصر قوته وتتجه نحو الحل النهائي حيث صار المنتظم الدولي يستوعب مجهود المغرب لحل المشكل ومناورات الجارة لتعقيده وإدامة الأزمة والنزاع وتصعيده. وقد أصبحت هذه حقيقة شهد بها حتى المبعوث الأممي الذي اضطر للخروج عن تحفظه في حواره الأخير مع المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية (ISPI) وهو يؤكد بأن دوره هو العمل على “تفادي اندلاع صراعات بين الدول، وبشكل خاص في النزاع المرتبط بقضية الصحراء الغربية بين المغرب والجزائر وجبهة البوليساريو”، وهذه شهادة أخرى على أن الجزائر طرف رئيسي في هذا الصراع المفتعل.
    يذكرنا موقف دي ميستورا بما سبق أن أنهى به مبعوث آخر مهمته مصرحا بالحقيقة التي لم تعجب الجارة وأداتها في المنطقة. وأقصد المبعوث الهولندي بيتر فان فالسوم الذي صرح في أبريل 2008 بأن الاستقلال الذي تطالب به البوليساريو “خيار غير واقعي”، وأن استفتاء تقرير المصير الذي طـرح سابقا “تجاوزه الزمن”.
    لقد كان ممكنا الانطلاق من خلاصة فالسوم لتسريع إيجاد حل لهذا الصراع المفتعل، والبناء على مبادرة الحكم الذاتي حينها بجدية وضغط على الطرف الممانع لحل المشكلة، ولكن تردد بعض الدول وغموض أخرى ضيع ما يقارب العقدين ليصل الجميع اليوم إلى تلك الحقيقة.
    وحده المغرب ظل ثابتا على موقفه، ومتشبثا بمصداقية وإجرائية مبادرته. وبعدها وجدنا أغلب دول العالم تقتنع بذلك وتنحاز للأطروحة المغربية.
    يحوز المغرب اعترافا عالميا، تتقدمه ثلاث دول من الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن، والاثنين يختاران عادة موقف الامتناع، ويحوز كذلك اعتراف اسبانيا الدولة التي على دراية بحقيقة الصراع وأسباب نشوئه، ويحوز اعتراف غالبية الدول الإفريقية بمبادرة الحكم الذاتي، ودول كثيرة أنشأت قنصليات لها بالمنطقة الصحراوية، ونجح المغرب في تغيير مواقف دول كثيرة في أمريكا اللاتينية التي ظلت محسوبة على الانفصاليين، وبالمقابل تحصي البوليساريو وراعيتها يوميا خسائرهما ويندبان حظهما التعيس منذ أن صرح جلالة الملك بأن قضية الصحراء حاسمة في تحديد طبيعة العلاقة مع أي دولة لدرجة جعلها النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، والمعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات.
    لم يحل استمرار النزاع دون تنمية المغرب للمنطقة، والأرقام تنطق بما يعجز الخطاب عن تبليغه، وكلها أرقام وإحصاءات تقول بأن المغرب أنفق على تنمية المنطقة أكثر من عائدات ما تنتجه من ثروات لدرجة جعلت الجهات الصحراوية في مستوى تنموي لا ينقص عن غيرها من الجهات المغربية. يمكن مقارنة هذه الجهات مع مخيمات تندوف التي تستفيد من المساعدات الدولية دون أن يُرى لذلك أثر على حياة أجيال ضاعت هناك دون أن تحظى بأدنى شروط العيش الكريم.
    سيختار الطوابرية الصمت مرة أخرى، أو يبحثوا عن منافذ للتشويش المسبق رغبة في إضعاف المغرب أو لإزالة الحرج الذي تشعر به الجارة تجاه شعبها. هو خطأ استراتيجي سيدفعون ثمنه، لأن هذه الجارة اليوم أمام منعرج خطير وفرصتها تاريخية للتخلص من العبء الذي حملته على عاتقها لعقود ولم تحقق منه إلا الخسائر، وربما كان وضعها سيكون أفضل لو أنفقت كل تلك الملايير على شعبها وتنمية ترابها.
    أمام الجارة فرصة اليد الممدودة ومقترح جلالة الملك الذي تعهد بمقاربة توافقية “نؤكد حرصنا على إيجاد حل توافقي، لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف”. والمؤكد أن كل المغاربة على هذا النهج، وقد أتيحت الفرصة لاختبار ذلك وجسدوا المعنى الحقيقي ل”خاوة خاوة” وهم يحتضنون المنتخب الجزائري وجمهوره فوق التراب المغربي.
    شهادات الجزائريين كانت أكبر ضربة لجهات نافذة في الجارة لأنها كانت كلها ثناء على كرم الاستقبال وحفاوة الضيافة. تحرك الجمهور الجزائري في مختلف الشوارع بأعلامهم وشعاراتهم واحتفالياتهم بدون أدنى مشاكل، وما وجدوا من المغاربة سوى التشجيع.
    هناك حاجة ماسة أن تراجع جهات في نظام الجارة مقاربتها قبل فوات الأوان لأن أمامنا فرصة ذهبية لوضع حد لهذا النزاع والتفرغ لما ينفع المنطقة وينميها ويقويها ويخدم مصالح شعوبها، وإلا فإن هذه الجهات تنتعش في استمرار هذا النزاع المفتعل، وتتغذى منه، وتختبئ به عن مواجهة شعبها، وتتفادى به الخضوع للمحاسبة عن عقود من التدبير الفاشل.
    هل تمتلك هذه الشجاعة؟ يمكن بكل تأكيد الإجابة بالنفي إلا إن تدخلت عوامل خارجية تضغط في هذا الاتجاه.
    والخاسر الأكبر هم الطوابرية الذين اختاروا الموقع الخطأ، وأغمضوا أعينهم عن الحقيقة وهم ينكرون الانتصارات المغربية الدبلوماسية والسياسية والعسكرية.
    والحمد لله لأن المغرب استطاع تحويل قضية الصحراء المغربية إلى عامل يبرز من خلاله قوته وقدرته ونجاحه. هي مناسبة للترحم على كل الشهداء الذين ضحوا من أجل الدفاع عن الصحراء المغربية واسترخصوا أنفسهم، ومناسبة لتحية حماة الجدار الذين يرابطون على الحدود ليؤمنوا استقرار المغرب والأمن للمغاربة.
    موعدنا بوح قادم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    حفل استقبال سفارة المغرب بالمكسيك احتفاءً بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء