مسودة قرار مجلس الأمن تدعو إلى التفاوض بلا شروط مسبقة وتُثبِّت الحكم الذاتي
تسريبات .. مسودة قرار مجلس الأمن الدولي تدعو إلى التفاوض بلا شروط مسبقة وتُثبِّت الحكم الذاتي كـمَخْرَجٍ وحيدٍ للقضية
شوف تيفي
طارق عطا
تشير التسريبات الإعلامية من وكالات الأنباء الدولية، المتعلقة بمسودة قرار مجلس الأمن الدولي حول النزاع في الصحراء المغربية، إلى تحول لافت وتأكيد راسخ على جملة من المرتكزات المحورية التي تعكس اتجاهًا دوليًا متناميًا نحو دعم الحل الواقعي والتوافقي. تأتي هذه المسودة لتكرّس دينامية جديدة في الملف، حيث تبدأ أولى إشاراتها بالترحيب الواضح والملحوظ باستعداد واشنطن لاستضافة جولة جديدة من المفاوضات، في خطوة تُعد تأكيدًا على الانخراط الأمريكي الجدي والفاعل في دعم جهود الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي دائم ومقبول للطرفين.
لعلّ النقطة الأبرز والأكثر دلالة في المسودة هي البند الذي يعتبر اقتراح المغرب للحكم الذاتي هو الأساس الوحيد للتفاوض. هذا التثبيت لا يمثل مجرد إشارة عابرة، بل هو رفع لمقترح الرباط إلى مصاف الإطار المرجعي الأممي للحل، متجاوزًا بذلك المقاربات الأخرى غير المجدية. والأهم من ذلك، أن المسودة تُقدم تأكيدًا صريحًا على أن اقتراح المغرب للحكم الذاتي “هو نوع من تقرير المصير”، في مقاربة خلاقة تربط عمليًا بين مبدأ تقرير المصير ومتطلبات السيادة الوطنية والاستقرار الإقليمي. هذا الربط يؤكد أن الحل المقترح هو الأكثر “جدوى وواقعية” لتحقيق التسوية النهائية للنزاع.
وفي سياق متصل، تؤكد المسودة على القرار الحيوي بتمديد مهمة بعثة “المينورسو” الأممية لعام كامل، مما يضمن استمرار مراقبة وقف إطلاق النار ودعم العملية السياسية. وبالتوازي مع هذا التمديد، تتضمن المسودة دعوة صريحة وموجهة لطرفي النزاع إلى التفاوض “دون شروط مسبقة” و”وفق مقترح الحكم الذاتي”. هذه الدعوة تضع مسؤولية كبيرة على عاتق الأطراف للجلوس إلى طاولة الحوار والاستجابة للإطار المرجعي الذي أقره مجلس الأمن، وهو إطار يرى في الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية المخرج الأكثر عملية وحفاظًا على السلم والأمن في المنطقة.
كشفت وكالات الأنباء الدولية عن أبرز المرتكزات التي يقوم عليها مشروع قرار مجلس الأمن الدولي بشأن النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، والتي تُرسّخ بشكل واضح معالم المرحلة المقبلة من المسار السياسي. وتؤشر هذه المرتكزات إلى تبلور إجماع دولي حول ضرورة تبني مقاربة واقعية وعملية، حيث بدأت المسودة بالترحيب بـاستعداد واشنطن لاستضافة جولة جديدة من المفاوضات، ما يضع ثقل القوة العظمى خلف جهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ويعكس جدية دولية في دفع العملية السياسية.
و يُعدّ البند المتعلق بمبادرة الحكم الذاتي المغربية هو الأكثر محورية ودلالة في المسودة. فقد عملت صياغة القرار على إحداث تحول نوعي في المرجعية التفاوضية من خلال:
أولا: اعتبار اقتراح المغرب للحكم الذاتي أساسًا للتفاوض: هذا النص يرفع المقترح المغربي إلى مصاف الإطار المرجعي الأممي الذي يجب أن تُبنى عليه كافة المحادثات المستقبلية، ويُبعد أي تصورات أو حلول غير واقعية عن طاولة المفاوضات.
ثانيا: التأكيد على أن اقتراح المغرب للحكم الذاتي هو نوع من تقرير المصير: يمثل هذا التوصيف تأصيلاً دستورياً ودولياً للمبادرة، حيث يربطها بأحد أهم مبادئ القانون الدولي، لكن في سياق يضمن السيادة الوطنية للمملكة المغربية ويحافظ على استقرار المنطقة.
ثالثا: التأكيد على أن الحكم الذاتي في ظل السيادة المغربية هو الحل الأكثر جدوى: هذه العبارة هي حكم واقعي صادر عن الهيئة الأممية يُلخّص النظرة الدولية للحل، باعتباره المخرج العملي والدائم الذي يضمن التنمية والاستقرار.
رابعا: تجديد مهمة “المينورسو” ودعوة حازمة لاستئناف الحوار دون شروط.
إلى جانب الجانب السياسي، أكدت المسودة على ضرورة استمرار الدور الأممي من خلال تمديد مهمة بعثة “المينورسو” الأممية عامًا كاملاً. والأهم من ذلك، وجهت المسودة دعوة حازمة ومباشرة لـطرفي النزاع إلى التفاوض استجابة لاقتراح الحكم الذاتي، مع التأكيد على أن يكون هذا التفاوض “دون شروط مسبقة ووفق مقترح الحكم الذاتي”. هذا التحديد لمرجعية وشكل المفاوضات يضع الكرة في ملعب الأطراف، مطالباً إياها بالانخراط الجدي والفوري في المسار الذي حدده مجلس الأمن.
هذه المرتكزات تمثل انتصاراً للمقاربة المغربية التي تدعو إلى الحل الواقعي والتوافقي، وتُكرّس الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كـ”حل وحيد” على الأفق السياسي الدولي.
المصدر: شوف تي في