نداء القلب إلى إخوتنا في تندوف:تعالوا لنبِني المغرب الموحد
نداء القلب إلى إخوتنا في تندوف:تعالوا لنبِني المغرب الموحد
في لحظات التاريخ الحاسمة، لا تنتصر الأوطان بالقوة ولكن بالمصالحة، حين يختار الأبناء أن يلتقوا حول فكرة الوطن بدل أن يتنازعوا على ظلاله.
واليوم، وقد أدركنا جميعاً أن لا شيء أغلى من الوحدة بين الإخوة والاستقرار داخل دولة تمد يدها بمحبة، نرفع نداءً صادقاً إلى إخوتنا في تندوف: تعالوا نُعيد خياطة الجرح، ونغسل ما تراكم عليه من سوء فهم، لنلتقي تحت خيمة المغرب الواحد الذي يتسع للجميع.
لسنا غرباء عن بعضنا، فالرمال التي تعبرها الرياح بين الساقية الحمراء ووادي الذهب، هي نفسها التي شهدت خطوات أجدادنا، وبوركت بأسماء قبائلنا المشتركة.
لم يكن التاريخ يومًا فاصلًا بيننا، وحدها السياسة صنعت الجدران بين القلوب. لكن الأوطان لا تبنى بالكراهية، بقدر ما تبنى بالتسامح والصفح الجميل وباستحضار ما يجمع لا ما يفرّق. ففي كل خيمة من خيامكم هناك حكاية مغربية مؤجلة، وفي كل طفل من أطفالكم شجرة نسب تمتد إلى عمق هذا التراب العزيز.
المغرب بيتكم الكبير، بلد يسير بثبات نحو التنمية، نحو العدالة الاجتماعية، نحو المصالحة مع ذاكرته الجماعية. فكما جاء في خطاب الملك محمد السادس يوم «عيد الوحدة»، بدعوته لمواطنيه بتندوف «للمساهمة في تدبير شؤونهم، وفي تنمية وطنهم، وبناء مستقبلهم، في إطار المغرب الموحد».. وشدد قائلا بحكمة وعمق نظر أب الأمة: «بصفتي ملك البلاد، الضامن لحقوق وحريات المواطنين، أؤكد أن جميع المغاربة سواسية، لا فرق بين العائدين من مخيمات تندوف، وبين إخوانهم داخل أرض الوطن».
نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لنفتح باب العودة لأبنائنا وإخواننا في تندوف، لا كاستسلام ولكن كخيار وطني نبيل يعيد للمغاربة كلهم معنى الانتماء والكرامة. إن نداء الوطن ليس نداء السلطة بقدر ما هو نداء القلب.
المغرب، بكل أبنائه في الشمال والجنوب والشرق والغرب، في الداخل والخارج، يحتاج إلى كل سواعده وأدمغته، يحتاج إلى من يعرف الصحراء حق المعرفة، وإلى من خبر قسوتها وكرمها. عفا الله عمّا سلف، فنحن اليوم لسنا في حاجة إلى المحاكمة بل إلى المصالحة. أن نبدأ صفحة جديدة، أن نبني الجسور لا أن نحفر الخنادق.
لقد آن الأوان أن نعلن جميعًا: إن وحدة الإنسان هي جزء من وحدة الجغرافيا، لقد بدأ زمن الوطن الموحّد. مكانكم الطبيعي في حضن المغرب، كما كنتم دائما وأجدادكم.. دعونا نفكر في الغد من أجل مستقبل الأبناء، في المدرسة التي ستُعلّم أبناءنا معًا معنى الانتماء، في الطرق والجسور التي تربط الساقية الحمراء ووادي الذهب بمراكش والرباط وطنجة ووجدة، في العَلَم الذي سيرفرف فوقنا جميعا دون تمييز.
لنُعد صياغة الحلم المغربي الكبير، حيث لا منفى بعد اليوم، ولا مخيمات للعزلة، بل وطن واحد موحد، يستقبل أبناءه بالحب والعفو لا بالشروط لا بالحساب.
يا إخوتنا في تندوف، إن الوطن لا ينسى أبناءه، وإن طال الفراق. عودوا إلى حضن المغرب، فالمغرب لم يغادر قلوبكم يومًا. لنجعل من عودتكم ميلادًا جديدًا لوطنٍ يتسع للجميع، ولنبنِ معًا المغرب الموحّد، بسواعد جميع أبنائه.
المغرب لا يريد أن يستعرض قوته، بل إنسانيته. يريد أن يقول لكم :عودوا إلى وطنكم، وساهموا في بنائه، فأنتم جزء من الحلم المغربي، لا خارجه. فالتاريخ يعلمنا أن الجراح لا تشفى بالثأر، بل بالعفو. نحن لا نريد أن نحاسب أحدًا على ماضيه، بل أن نصنع معًا مستقبلنا. فلنقلها بصوت واحد: لنفتح صفحة جديدة عنوانها الوطن الواحد والبيت الكبير.
فعودوا، لنبني معًا مغربًا نقيًا بلا أحقاد، غنيًا بالمحبة، قويًا بسواعد جميع أبنائه.
يا أهلنا في تندوف، أنتم لستم غرباء عن هذا الوطن، ولا الوطن غريب عنكم. المغرب كان وسيبقى بيتكم الكبير، مهما طالت المسافات وتغيرت الأزمنة.