الأسد الإفريقي : استجابة مغربية-أمريكية لتعقيدات المشهد الأمني الإقليمي والدولي
الأسد الإفريقي : استجابة مغربية – أمريكية لتعقيدات المشهد الأمني الإقليمي والدولي
شوف تيفي
من المقرر أن يُنظَّم تمرين الأسد الإفريقي خلال الفترة الممتدة من 20 أبريل إلى 08 ماي 2026 بمناطق أكادير، طانطان، تارودانت، القنيطرة، وبن جرير، بهدف تعزيز قابلية التعاون والاشتغال البيني بين الدول المشاركة، ودعم الجاهزية العملياتية، ورفع القدرة على تنفيذ عمليات مشتركة ومتكاملة، فضلاً عن المساهمة في ترسيخ الأمن والاستقرار الإقليميين.
في هذا السياق قال البراق شادي عبد السلام أن مناورات “الأسد الإفريقي” تبرز كأحد أهم الميكانيزمات العملية للرد على هذه المخاطر، حيث لا تقتصر أهميتها على التدريب المشترك، بل تتجسد في بناء قدرة ردع جماعية متعددة الأطراف، قادرة على محاكاة سيناريوهات معقدة، وتفعيل سلاسل القيادة والسيطرة المشتركة، وتوفير إطار لوجستي لانتشار القوات في بيئات عملياتية متباينة، مما يضمن استجابة عسكرية سريعة وموحدة في حال تفاقم أي من هذه التهديدات. يشير الاجتماع الرئيسي للتخطيط للنسخة 2026، الذي تحتضنه أكادير، إلى أن المملكة المغربية وحلفاءها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، يتخذون خطوات ملموسة لترجمة الشراكة الاستراتيجية إلى قدرة عسكرية ملموسة على الأرض. حيث أن هذه التعبئة، التي تتجاوز مفهوم التدريب التقليدي، تمثل إعلاناً عملياً للالتزام الجماعي بالحفاظ على أسس الأمن والاستقرار في منطقة تتزايد فيها نقاط التوتر و تتعاظم فيها المخاطر .
بالتالي يضيف المحلل السياسي و الخبير الدولي في تدبير المخاطر شادي عبد السلام، أن “الأسد الإفريقي” يضع نفسه في قلب معادلة الأمن الإقليمي، ومن جهة، يشكل هذا التمرين درعاً واقياً لردع الفاعلين غير الحكوميين والدوليين المزعزعين للاستقرار، ومن جهة أخرى، يمثل منصة استراتيجية ومختبراً حياً لتبادل العقائد والخبرات القتالية واللوجستية. وهنا يبرز بوضوح الدور الريادي للقوات المسلحة الملكية المغربية تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس القائد الأعلى و رئيس أركان الحرب العامة ليس فقط بصفتها المضيف والمنظم الرئيسي، ولكن بالنظر إلى قدراتها القتالية العالية وتجاربها العملياتية الفريدة في بيئة الساحل والصحراء، مما يجعلها محوراً أساسياً لنقل الخبرات وضمان تطبيق أعلى مستويات الاحترافية والجاهزية. هذا التبادل يعزز قدرة الدول المشاركة على إدارة الأزمات بفعالية وسرعة استجابة فائقة، وهو ما يمنح أهمية قصوى لتحليل دلالات هذه المناورات كمؤشر حاسم على الاستراتيجيات الدفاعية المستقبلية المعتمدة والتحالفات الأمنية المتشابكة في المنطقة.
وفي هذا الإطار، يضيف المتحدث أنه يُنظر إلى “الأسد الإفريقي” ليس فقط كحدث تدريبي، بل كاستمرارية لهذا الإرث المؤسسي العريق. فالشراكة الحالية في المجال الدفاعي، التي تعززت بتصنيف المغرب كـ “حليف رئيسي من خارج الناتو” ، تتكئ على أساس متين من الثقة المتبادلة والخبرة المشتركة. هذا العمق التاريخي هو ما يمنح مناورات الأسد الإفريقي قيمتها الاستراتيجية الحقيقية، إذ يضمن أنها تنطلق من رؤية متطابقة حول أهمية الاستقرار الإقليمي ومواجهة التهديدات العالمية، مما يرسخها كركيزة أساسية للتعاون المستقبلي بين البلدين الحليفين.
وبناءً على ذلك، فإن الاجتماع الرئيسي للتخطيط للنسخة 2026، الذي تحتضنه أكادير مقر القيادة الجنوبية للقوات المسلحة الملكية، يشير إلى أن المملكة المغربية وحلفاءها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، يتخذون خطوات ملموسة لترجمة الشراكة الاستراتيجية إلى قدرة عسكرية ملموسة على الأرض. حيث إن هذه التعبئة، التي تتجاوز مفهوم التدريب التقليدي، تمثل إعلاناً عملياً للالتزام الجماعي بالحفاظ على أسس الأمن والاستقرار في منطقة تتزايد فيها نقاط التوتر وتتعاظم فيها المخاطر.
على هذا الأساس تبرز مناورات “الأسد الإفريقي” بكونها تتجاوز أن تكون تدريباً عسكريا مشتركا يقول المحلل السياسي؛ بل هي اليوم تجسيد عملي لبوصلة المغرب الاستراتيجية التي تربط بين الأمن والاستقرار والتنمية الإقليمية. وذلك لأن الانخراط المغربي-الأمريكي العميق في هذه المناورات يؤكد على صوابية الرؤية الملكية في القدرة على بناء تحالفات جيوسياسية صلبة، والتي تُعد ضرورية لمواجهة حزمة التهديدات الإقليمية والدولية المعقدة، والتي تمتد من الإرهاب والجريمة المنظمة وصولاً إلى التحديات السيبرانية والبيولوجية وخطر الميليشيات الانفصالية.
ومن ثم، فإن هذا التعاون الدفاعي يوفر درعاً عملياتياً مشتركاً، يردع الأطراف الإقليمي المهددة للاستقرار، كما أنه يؤسس في الوقت ذاته لبيئة آمنة تطلق العنان للنمو. فالأمن هنا هو الرافعة الأساسية لتعزيز الفرص الاقتصادية، حيث تتكامل القدرة العسكرية مع المشاريع المغربية المهيكلة الكبرى ، وفي هذا السياق، فإن هذه المشاريع، وعلى رأسها المبادرة الملكية الأطلسية لتسهيل ولوج دول الساحل للمحيط الأطلسي، و ميناء الداخلة الأطلسي ، وأنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، والممر الاقتصادي القاري الاطلسي – محمد السادس -، جميعها تحول المغرب إلى قاطرة تنموية قارية تخدم مصالح الشعوب الإفريقية و تحول الفضاء الأطلسي المشترك إلى جسر تنموي عملاق ،فالربط اللوجستي والطاقي والاقتصادي الذي توفره هذه المبادرات لا يدعم التكامل جنوب-جنوب فحسب، وإنما يرسخ الاستقرار عبر التنمية الشاملة ؛ وبذلك، تمثل مناورات “الأسد الإفريقي” الإعلان الأوضح عن التزام جماعي راسخ: فهو رد عملياتي قوي يهدف إلى حفظ سيادة الدول واستقرار المنطقة، مما يضمن للمغرب دوره المحوري كمركز إقليمي للأمن والتنمية في إفريقيا و الضفة الغربية للمحيط الأطلسي حسب البراق شادي عبد السلام.
المصدر: شوف تي في