بوح الأحد: مغرب المجد يراكم الإنتصار تلو الإنتصار بعد كأس العرب…

بوح الأحد: مغرب المجد يراكم الإنتصار تلو الإنتصار بعد كأس العرب…

A- A+
  • بوح الأحد: مغرب المجد يراكم الإنتصار تلو الإنتصار بعد كأس العرب التي جمعت الملكيات في نصف النهائي و آل البيت في النهائي، كأس إفريقيا في حضن المغرب تنظيما و ٱحتفالا، الأمن المغربي يكشف كل أوراق 2025 و أشياء أخرى…

    أبو وائل الريفي

  • تغمد الله من قضى في فاجعة آسفي بواسع الرحمات، ومتع الناجين بالصحة والعافية، وأخلفهم الله في مصيبتهم كل خير.
    هذا لا يعني أن لا نناقش ما حدث هذا الأسبوع بعد الأمطار غير المسبوقة التي عرفتها مناطق كثيرة من المغرب وحجم استعدادنا لمواجهة هذه التقلبات المناخية التي يعرفها العالم وتستأثر باهتمام جل الدول والمنظمات والباحثين.
    أرواح الناس مسؤولية من انتدب نفسه لتمثيلهم، وهو مسؤول عن استفراغ الجهد لتأمين حياتهم وتجنيبهم آثار الكوارث الطبيعية. وبالمقابل، يجب أن ينأى بمثل هذه الكوارث عن المزايدات وتصفية الحسابات لأنها تتطلب تعاملا إنسانيا يترفع عن السفاسف ويغلب معالجة الأضرار باستعجالية ومواساة المتضررين والوجود في الميدان مع الناس للمساعدة على التخفيف من معاناتهم.
    لا يغيب عن كل المتتبعين أن الكوارث الطبيعية تصيب بالعجز دولا كبيرة بإمكانيات متقدمة ومتطورة، وتخلف ضحايا مادية وبشرية، ولكن الأهم أن هذه الدول تستفيد منها لتجنب عدم وقوعها، وتتعهد بذلك، وتسارع لإعادة الأمور إلى نصابها. بل إن كل الدول صارت اليوم مطالبة بتغيير سياساتها تجاه هذه التقلبات المناخية والاضطرابات الجوية التي لم يعد بالمقدور توقع تفاصيلها والتحكم في نتائجها.
    من الإجحاف كذلك استغلال ما حدث في آسفي للتغطية على المجهودات التي بذلت من طرف مؤسسات الدولة في مناطق عدة والتي كانت نتيجتها والحمد لله تجنيب بلادنا أضرارا كبيرة. لقد تناقلت وسائل الإعلام المجهودات التي بذلت لفك العزلة عن مناطق كثيرة غطتها الثلوج وإعادة الكثير من الطرق إلى الخدمة في أسرع وقت، وإنقاذ الكثير من الناس، وتدخلات ناجحة في لحظات صعبة وتضحيات الكثير ممن قاموا بالمطلوب منهم على أحسن وجه.
    في مثل هذه اللحظات تبحث الأمم الراقية والعريقة عما تسند به المتضررين وتخفف به من آلامهم وتترك تصيد الفرص والحسابات السياسوية وتصفية الحسابات لوقتها المناسب بعد تجميع كل المعطيات والتحقيق بشأنها لتحريك مساطر المساءلة والمحاسبة على أسس واقعية وحقيقية وشفافة وليس بناء على تخمينات وتضليل لدغدغة عواطف الناس وتجييش المتضررين لحسابات لا يعلمها إلا من يحركها.
    كان لافتا تلك الخطوة الملكية التي تجسدت في تعليمات جلالته إلى وزارة الداخلية باعتبارها سلطة الرقابة على الجماعات الترابية وبصفتها المستأمنة على سلامة المواطنين والممتلكات الخاصة والعامة ب”رفع مستوى التعبئة وتعزيز آليات اليقظة والتدخل لمواجهة تداعيات التقلبات الجوية خلال الموسم الشتوي 2025-2026، عبر إجراءات استباقية تشمل حماية الساكنة، وفك العزلة عن المناطق المتضررة، وضمان التموين والخدمات الأساسية”.
    يلزم أن نطور استعداداتنا لمثل هذه الكوارث بتعزيز التدابير الاستباقية وتقوية الإجراءات الاحترازية وتفعيل التنسيق بين مختلف المتدخلين والوجود عن قرب في الميدان باليقظة الكاملة حفاظا على أرواح الناس والممتلكات.
    كان لافتا للانتباه كذلك المبادرة التي أقدمت عليها مؤسسة محمد الخامس للتضامن بإطلاق عملية مواجهة موجة البرد القارس بتقديم مساعدة عاجلة للساكنة المتضررة من موجة البرد بعدد من أقاليم المملكة عبارة عن مواد غذائية أساسية وأغطية. استهدفت المؤسسة بهذه العملية 28 إقليما عرف انخفاضا في درجات الحرارة وكذا تساقطات هامة من الأمطار الغزيرة والثلوج، حيث ستستفيد منها 73 ألف أسرة.
    الروح الإيجابية في مثل هذه المبادرة درس لكل مكونات المجتمع المدني في كيفية التفاعل مع مثل هذه اللحظات التي يجب الاستعداد لها لأنها قد تتكرر –لا قدر الله- في المستقبل بسبب هذه الاضطرابات المناخية التي لا تخص المغرب وحده.
    لا يمكن استساغة المطالبة بتوسيع مجالات فعل المجتمع المدني وتفعيل الديمقراطية التشاركية وتوسيع صلاحيات الجماعات الترابية وتمكينها من اعتمادات مالية لا يستهان بها دون أن تقوم بأدوارها كاملة.
    منطق توزيع السلط والصلاحيات والاختصاصات يستلزم بالضرورة نقل الموارد ومعها بالتوازي نقل المسؤولية والمحاسبة. بعد دستور 2011 برز مفهوم السياسات الترابية التي أسند إعدادها للجماعات الترابية كما أسندت لها كذلك مهمة تفعيل السياسة العامة للدولة من خلال ممثليها في مجلس المستشارين، وتم تمتيعها بحق تسيير شؤونها بكيفية ديمقراطية وفق مبادئ التدبير الحر.
    من أهم الاختصاصات المسندة للجماعات التطهير السائل والصلب ومحطات معالجة المياه العادمة وتنظيف الطرقات والساحات العمومية وجمع النفايات، ومنحها المشرع صلاحية إحداث مرافق عمومية من أجل ذلك واختيار طريقة تدبيرها بالشكل الذي يناسب خصوصياتها. هذه من الأمور التي لا خلاف عليها ونصت عليها القوانين التنظيمية للجماعات الترابية التي أعطت لكل وحدة ترابية (الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات) اختصاصاتها، ويلزم بالتبعية أن تتحمل مسؤوليتها بشأنها وتخضع للمحاسبة عن كل تقصير.
    وفق هذا الإطار، يلزم أن ننظر إلى ما حدث في آسفي. وكل محاولة لتصوير الأمر وكأنه يهم المغرب كله ونصب “مندبة” عامة وكأن البلاد كلها في حالة شلل. مغالطات مقصودة يراد منها بث اليأس والتأليب على الدولة واستغلال المناسبة لتصفية حسابات والانتقام. الوجه الآخر للمعادلة هو أن في باقي المناطق بالمغرب كانت هناك يقظة وتدخلات استعجالية وتحكم في آثار الأمطار غير المتوقعة ومجهود كبير استعملت فيه أدوات الطوارئ المتطورة التي تتوفر عليها الدولة والتي كانت فعالة في التخفيف من الأضرار الناجمة عن هذه الأمطار.
    هي مناسبة للمغاربة لمعرفة وتفعيل الآليات التشاركية التي هي حق لهم للرقابة وتتبع عمل منتخبيهم والمساهمة عبر العرائض والملتمسات في تجويد مخرجات برامج التنمية المحلية والتذكير بمطالبهم ومعاناتهم واقتراحاتهم. ولم تعد تفصلنا عن محطة المحاسبة إلا فترة وجيزة وحينها ستؤول إليهم الكلمة ولهم أن يدلوا بصوتهم وفق تقييمهم لما حدث خلال الولاية الانتخابية.
    كان لافتا للانتباه كذلك التوجيهات الملكية للحكومة بالتقيد بروح الالتزام والمسؤولية في التعاطي مع هذه الآفات، ولذلك التزمت الحكومة ببرنامج لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات الاستثنائية التي عرفتها مدينة آسفي عبر تقديم مساعدات مستعجلة لفائدة الأسر التي فقدت ممتلكاتها، والتكفل بوضعية المنازل التي لحقتها الأضرار عبر إنجاز أشغال الترميم الضرورية، إلى جانب إعادة بناء وترميم وتصميم المحلات التجارية المتضررة مع مواكبة أصحابها.
    تنعدم الإنسانية فيمن يتاجر بآلام الناس ويتخذ من مآسيهم بضاعة ويسوغ لنفسه استعمالها في حرب غير أخلاقية لإرضاء حالة مرضية تجاه الدولة وتفريغ مكبوتاته تجاه مؤسساتها. وللأسف تجد أمثال هؤلاء هم من يعبئ المغاربة حتى لا يشاركوا في اختيار ممثليهم بناء على المعايير التي يرونها أمثل لتحقيق مطالبهم.
    يستفاد من هذه الكارثة أن العدمية والعزوف والابتعاد عن المشاركة خطأ قاتل يسقط فيه من يتهاون ولا يدلي بصوته لاختيار الأكفأ. ويستفاد منها أن على ممثلي الساكنة في الجماعات الترابية الاضطلاع بمهامهم والأخذ بعين الاعتبار التقلبات الجوية والاضطرابات المناخية في المشاريع التي يقترحونها وفي مواصفات الإنجاز لأنه لا يعقل أن تبقى البنيات التحتية بمواصفات أثبتت عجزها عن مواكبة هذا التحول المناخي. ويستفاد كذلك أن على سلطات الرقابة اليقظة والتتبع اليومي والدائم لعمل الجماعات الترابية. ويستفاد كذلك أن على منظمات المجتمع المدني التفاعل الإيجابي والبنائي بتفعيل الآليات التشاركية، ولعل مناسبة اللقاءات التشاورية والنقاشات العمومية المفتوحة حول الجيل الجديد من البرامج الترابية المندمجة في المدن والأقاليم مناسبة مهمة للمساهمة بقسط وافر في تجنب السقوط في مثل ما وقع بآسفي. هي مناسبة لنقاش مندمج بين المواطنين والجمعيات والمنتخبين والسلطات لبلورة رؤى تنموية موحدة وعابرة للقطاعات تستحضر كل التحديات بما فيها المناخية.
    اليوم تنطلق النسخة 35 من الكأس الإفريقية “الكان” وعين العالم على المغرب. المسابقة أكبر من مجرد مباريات كروية أو لحظات ترفيهية. هي صورة بلد وحضارة بلد وتاريخ بلد. هي فرصة لتقديم المغرب إلى العالم وتسويق الذات عبر بوابة بطولة تحشد ملايين المشاهدين ممن لا يمكن أن تحشدهم حملات التسويق والإشهار. أمامنا ما يقارب الشهر من أجل ذلك. هي بطولة أرقام قياسية غير مسبوقة، ويكفي أن يستوعب المغاربة معنى أن 54 دولة إفريقية و30 دولة أوربية ستبث مباريات هذه البطولة، وأن عدد طلبات البث التلفزيوني وصلت 1000 طلب، وأن 3800 قناة ووسيلة إعلام تم اعتمادها لتغطية البطولة، وأن عدد طلبات اعتماد الصحفيين بلغ 5500 طلبا. وحتى التذاكر لم تشهد المبيعات مثيلا لها قبل انطلاق البطولة لأن عدد التذاكر المبيعة تجاوزت المليون، بما يتجاوز بكثير ما تحقق في نسخة كوت ديفوار التي بلغت حوالي 11 مليون دولار، وما تزال هذه الحصيلة غير نهائية. أليس هذا موسم رياضي يستحق من المغاربة أن يسوقوا فيه صورة عن بلدهم الذي يستحق أن يكون في المقدمة؟ أليست هذه فرصة لنقدم أنفسنا لأزيد من ثمانين دولة ناقلة للبطولة بالشكل الذي يجعل بلادنا ذات جاذبية أكثر؟ هنا يبرز شق المسؤولية الذي يقع على عاتق كل واحد منا والذي يجب استحضاره طيلة هذا الشهر من عمر البطولة دون إغفال التفاصيل الصغيرة التي قد تكون لها عواقب وخيمة لا قدر الله.
    الرياضة صارت اليوم رافعة تنموية وبوابة للولوج إلى العالم، وتفوقنا الكروي ونجاحنا التدبيري يمنحنا فرصا كثيرة لتقديم المغرب للعالم عبر البوابة الرياضية التي صارت جزءا من القوة الناعمة للبلاد. لأول مرة تم تخصيص ملعب بمواصفات جيدة لتداريب كل منتخب مشارك، أي أن عدد الملاعب المخصصة للتداريب يبلغ 24 ملعبا، بينما تجرى البطولة لأول مرة على تسعة ملاعب موزعة على عدة مدن مغربية. هذه صورة تبين حجم البنية التي تتوفر عليها بلادنا، وتضاف إليها بنيات الاستقبال الأخرى مثل الفنادق والمحطات والطرق وغيرها لتؤكد أن بلادنا على أتم استعداد لوجستيا لإنجاح هذه التظاهرة وتقديم نسخة استثنائية بكل المقاييس.
    على كل مغربي، من أي موقع هو فيه، أن يعي بأنه سفير لبلاده وله مساهمة مباشرة في نجاح هذه التظاهرة وتحقيق الأثر الذي يليها على كل الواجهات، وليست السياحة إلا واجهة من هذه الواجهات.
    ستتاح للمغاربة فرصة أن يقدموا أنفسهم للعالم، وعليهم أن يختاروا الصيغة الصحيحة التي تتناسب معهم وتتوافق مع ما يريدون تقديمه عن مغربهم. يجب أن نقدم للعالم صورة عن تسامحنا وتنوعنا وتعايشنا وانفتاحنا وكرمنا وعملنا وانضباطنا وإنجازاتنا ونجاحاتنا. علينا واجب تقديم عربون أننا نستحق تنظيم كأس العالم وقادرين على تنظيم أفضل نسخة بما يميزنا عن غيرنا. الألتراس العاشق للساحرة المستديرة أمامه فرصة العمر للإبداع الكروي في التشجيع وإبراز قدرته الابتكارية التي تجعله في مقدمة الجماهير الكروية في العالم. هو اختبار وتحدي، ولكنه فرصة كذلك قد لا تتاح مثلها مرات كثيرة.
    هي مناسبة لأولئك الذين يريدون التشويش على الافتتاح بالاحتجاجات. لقد أظهر “الزيديون:Z” حقيقة مشاعرهم تجاه المغرب وفضحوا أجندتهم للتشويش على هذه البطولة وسيرون أن دعوتهم ستكون انتكاسة أخرى يكتشفون فيها عزلتهم وهامشيتهم.
    هي مناسبة كذلك لأولئك الذين ألفوا تبخيس كل إنجاز مغربي بتقطار الشمع. ليطمئن هؤلاء جميعا بأن المغرب يصنع نموذجه الكروي والحقوقي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي بعقول وسواعد مغربية مواطنة والحسرة لمن اختار أن يكون في غير هذا الخندق الذي اختاره المغاربة لبناء نموذجهم واختار “التقلاز” و”التنبار” و”الهدم”. لغير الموفق وأمثاله أن يفهموا بأن “شياطة” الكلام وأسلوب “دس السموم” لم يعد يجدي مع المغاربة ولن ينتقص من فرحتهم بما يرونه من انتصارات، وجميعا سيواجهون كل المشاكل ويتغلبون عليها وستبقى وحدك مع “رباعة” الطوابرية تحتضرون.
    البطولة الإفريقية المقامة بالمغرب مناسبة كذلك لإضافة لقب إلى خزانتنا الكروية افتقدناه منذ نصف قرن ومناسبة لفك نحس لازمنا طيلة بطولات كنا فيها قاب قوسين من تحقيق اللقب الإفريقي. لذلك على المغاربة تقديم كل الدعم للاعبين والطاقم الإداري والفني حتى النهاية. الجمهور هو اللاعب رقم 12 الذي يقدم أحيانا ما يعجز عنه الموجودون في العشب الأخضر داخل الملعب. الجمهور يزرع الأمل في اللاعبين ويعيد لهم الثقة في لحظات فاصلة من عمر المباريات ويستنهض فيهم الروح الوطنية. الأعلام الوطنية والشعارات الوطنية الداعمة ستكون لها قوة دافعة للاعبين ولكل من له مساهمة من قريب أو بعيد في هذه البطولة التي ينتظر منها أن تكون أفضل نسخة في تاريخ البطولة على الإطلاق.
    مطلوب من الإعلام المغربي أن يرقى لمستوى هذا التحدي ويقدم منتوجا مهنيا رصينا يساهم في تعميم المعلومة الصحيحة والمفيدة خدمة للحق في الإخبار ويقدم تحليلات ترقى بالوعي الكروي ويترفع عن السفاسف.
    مما سيساعدنا أننا أصبحنا ندخل كل المسابقات بنية الفوز والتصدر وليس المشاركة فقط. مضى زمن كنا ننتشي فيه بالمشاركة ونطمئن أنفسنا بأننا ربحنا فريقا. هذا تحول في ثقافتنا الكروية التي كان أقصى ما تنتظر هو التأهل والمشاركة. الآن أصبح في رصيدنا ألقاب في كل الفئات وصار المغاربة لا يرضون بغير الفوز والتتويج بديلا. وطبعا هذا يضع اللاعبين والطاقم الإداري والفني أمام ضغط يلزم أن يستحضره الجمهور ويساهم من موقعه في تخفيفه عليهم بالثقة فيهم ودوام المساندة لهم.
    كانت كأس العرب آخر مؤشر على التفوق الكروي المغربي قاريا وإقليميا. بالمنتخب الرديف وبإعداد متواضع وسريع، أبدع المغرب في هذه الكأس وأنجز مسارا متميزا بطاقم مغربي ليصل إلى النهائي مع الأردن الشقيق الذي يعيش أفضل لحظات تاريخه الكروي تحت إشراف مدرب مغربي خلف مدربا مغربيا آخر. أليس هذا عنوان للتفوق المغربي؟
    مرة أخرى حصد المغرب جل الجوائز بدءا بأحسن منتخب ومرورا بأفضل حارس ولاعب. أصبحت الكرة المغربية رائدة عربيا وقاريا، وصارت مدرسة في تخريج الأطر الفنية والإدارية. إذا لأول مرة يجرى نهائي في البطولة العربية بين مدربين من المغرب.
    النهائي المغربي جمع مملكتين شريفتين من آل البيت. وجمع مدربين مغربيين تواجها من أجل لقب عربي يستحقانه معا. حقا كان المغرب هو البطل المتوج واستحقت الأردن أن تكون بطلا غير متوج.
    هذه البطولة كشفت التطور الكروي السريع والملفت الذي تعرفه الكرة العربية، ولكن الأهم هو أنها بينت ما قلناه مرارا عن السياسة الكروية الناجحة التي ينهجها المغرب والتي تؤتي ثمارها بشكل ملفت في كل البطولات وداخل كل الفئات. بالفوز بهذه البطولة نبين أن مستقبل الكرة في المغرب بخير ونطمئن أكثر على أننا في الطريق الصحيح. شكرا جلالة الملك أن وضعت الكرة المغربية في سكتها الصحيحة بعنايتك وتوجيهاتك وحسن اختياراتك التي يعايش المغاربة نتائجها.
    ولأن نجاحات المغرب كثيرة، ولا تقتصر على مجال دون آخر، فقد اخترت أن أختم هذا البوح عن مؤسسة شريكة في هذا النجاح الكروي بما تقدمه من تأمين لمختلف التظاهرات الرياضية التي تشهدها الساحات المغربية. تقوم المؤسسة الأمنية بمجهود متواصل لتأمين هذه المناسبة القارية وتهييء الأجواء المناسبة والآمنة لعشاق الكرة حتى ينعموا بمشاهدة آمنة في ظروف جيدة. وفي هذا الإطار كانت هناك مبادرة مهمة من المديرية العامة للأمن الوطني بإحداث مركز التعاون الشرطي الإفريقي لمواكبة الاستعدادات لتنظيم التظاهرات الرياضية، وضمنها بطولة الكان، بشراكة مع وزارة الداخلية ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، كآلية استراتيجية لتعزيز التنسيق الأمني القاري في مجال تأمين التظاهرات الرياضية الدولية.
    تم الإعلان عن هذا العمل ضمن الحصيلة السنوية للمديرية العامة للأمن الوطني برسم سنة 2025 والتي رسخت هذا التقليد السنوي في التواصل مع الرأي العام وتقديم المنجزات بشفافية لكل المغاربة وخاصة في المجالات التي تتقاطع مع انتظاراتهم وتطلعاتهم في مجال الأمن. وتم حفل افتتاحه بسلا تحت إشراف السيد عبد اللطيف حموشي. هذا المركز هو الأول من نوعه إفريقيا الذي يعنى بالقيادة والتنسيق وتبادل المعلومات المرتبطة بتأمين كبرى التظاهرات الرياضية، وهو تجسيد للتعاون الأمني المتعدد الأطراف الذي يشرك المؤسسات الأمنية الإفريقية في تأطير جمهور بلدانها المشاركة في الكأس الإفريقية.
    من اطلع على هذه الحصيلة بتمعن يخرج باستنتاج واحد، هو أن المؤسسة الأمنية شريك لكل مؤسسات الدولة من مجال تخصصها بما يمكن كل هذه المؤسسات من النجاح، فهي في الموعد دائما عند كل تظاهرة لتأمين نجاحها.
    سبق تقديم هذه الحصيلة -التي تستحق قراءة متأنية وهادئة- مبادرات تؤكد الأولوية التي يحتلها العنصر البشري داخل المؤسسة الأمنية. لقد أطلقت هذه المديرية، عبر مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية لموظفي الأمن الوطني، حزمة من الإصلاحات الشاملة لمنظومة التغطية الصحية التكميلية والتأمين على الوفاة، حيث تم توسيع قاعدة المستفيدين لتشمل لأول مرة فئات جديدة مثل الأرامل والمتقاعدين والمتقاعدات وأفراد أسرهم وكذا أيتام الأمن الوطني وستتحمل مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية لموظفي الأمن الوطني الكلفة المالية لهذا الإدماج الفوري. وتم كذلك زيادة الخدمات الصحية والعلاجات الطبية لتشمل تغطية مجموعة من العلاجات والفحوص الطبية لأول مرة من خلال إدماجها ضمن جدول التعويض المادي والتغطية المباشرة. وتم كذلك تسريع وتيرة بعض الخدمات مثل تقليل مدة دراسة ملفات التحمل la prise en charge من 48 إلى أقل من 24 ساعة.
    أما الخطوة الثانية التي تبين حجم الاهتمام بالعاملين والعاملات بهذا المرفق فهي إصدار القرار بصرف مساعدات مالية استثنائية لما مجموعه 409 مستفيدة ومستفيدا من موظفي الشرطة ممن يعانون من أمراض خطيرة ومكلفة، أو لفائدة ذوي حقوقهم الذين يعانون من نفس الأمراض.
    من هذا الاهتمام يتضح بعض من سر قوة الموارد البشرية للمؤسسة الأمنية المغربية. العاملون بها يطمئنون في عملهم لأنهم يشعرون بالانتماء إلى مؤسسة تقدر عملهم وتضحياتهم وأكثر حرصا على عائلاتهم وأبنائهم وذويهم.
    بالعودة إلى الحصيلة السنوية للمرفق الشرطي يمكن استخلاص أن هذه كانت سنة الاعتراف الدولي بكفاءة هذه المؤسسة لأنها كانت سنة التتويجات والاعترافات على أكثر من صعيد. في هذه السنة تأكد أن عبد اللطيف حموشي رقم مهم في مكافحة الجريمة والإرهاب وإرساء الأمن وتم توشيحه بوسام الأنتربول من الطبقة العليا تقديرا لإسهاماته وجهوده الكبيرة في دعم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود بمختلف أشكالها، وفي تعزيز التعاون الأمني الدولي. وتم توشيحه كذلك بإسبانيا بوسام الصليب الأكبر للاستحقاق للحرس المدني، الذي يعد أرفع وسام تمنحه هذه المؤسسة الأمنية للشخصيات الأجنبية، وأيضا بوسام “جوقة الشرف” من درجة ضابط، من طرف فرنسا، وتوشيح آخر بوسام الأمير نايف للأمن العربي من الدرجة الأولى، الذي يمنح للشخصيات الأمنية القيادية العربية، تقديرا للدور المهم والإسهام المتميز في ضمان الأمن والاستقرار على المستوى العربي.
    استحق حموشي هذا التتويج بسبب ما يحدثه بتدبيره الأمني من فارق في الميدان وما ينجزه من جيل جديد للإصلاحات في هذا القطاع وتحديث لبنياته وتنويع لعرضه وتعزيز للشعور المجتمعي بالأمن.
    في هذه السنة كان افتتاح المعهد العالي للعلوم الأمنية لحظة تاريخية بما سيوفره من تكوين شرطي وتحديث برامج التدريب الأمني بالمغرب وما سيقوم به بشأن رسم استراتيجيات بناء القدرات العلمية للأطر الأمنية بكل من المغرب وشركائه الإقليميين والدوليين خاصة في إفريقيا. سيصبح هذا المعهد حاضنة للبحث العلمي لفائدة الأمنيين والخبراء والمختصين في مختلف المجالات والعلوم الأمنية.
    ولمزيد من دعم الجهوية تم افتتاح مدرسة جديدة للتكوين الشرطي بمدينة مراكش، على أن تليها في الأمد المنظور افتتاح مدرسة مماثلة للتكوين والتدريب الأمني بمدينة الدار البيضاء.
    تبرز الحصيلة كذلك أننا أمام مؤسسة منخرطة بفعالية في الارتقاء بجودة منظومة الخدمات الرقمية العمومية والانتقال المكثف نحو رقمنة الخدمات الشرطية التي تتسع كما وكيفا ويتزايد عدد المستفيدين منها ويرتفع منسوب رضاهم عنها بسبب الجودة والسرعة وحسن المعاملة.
    من نقاط قوة الحصيلة هذه السنة نجاح ملفت في مواجهة الجريمة حيث تشير الإحصائيات إلى تراجع مؤشرات الجريمة المقرونة بالعنف (بمعدل 10 في المائة)، وهذا يعني نجاح الاستراتيجية الأمنية المرحلية لمكافحة الجريمة برسم الفترة الممتدة ما بين 2022 و2026.
    من الأوراش المهمة التي تعرف إنجازات كبيرة توطيد البعد الحقوقي في الوظيفة الشرطية، ويتضح ذلك من خلال الشراكات المتعددة مع المنظمات الحقوقية والدورات التكوينية والتدريبية في مجال احترام حقوق الإنسان، والمذكرات المصلحية المعممة لتمليك موظفي الشرطة ثقافة حقوق الإنسان وأنسنة ظروف الاحتفاظ تحت الحراسة النظرية، واستعراض الممارسات الفضلى لتطبيق القانون، فضلا عن تنفيذ عمليات مراقبة فجائية لأماكن الوضع تحت الحراسة النظرية والفضاءات المخصصة للاحتفاظ بالقاصرين في إطار الأبحاث القضائية.
    ومن المجالات التي ينتظرها الكل، أي الجهود المتعلقة بمكافحة الإرهاب والتطرف والإشادة بالأعمال الإرهابية، أحالت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية هذه السنة على النيابة العامة المختصة 21 شخصا يشتبه في تورطهم في هذا النوع من القضايا، دون احتساب قضايا الإرهاب والتطرف التي عالجها المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.
    استعرضت الحصيلة كذلك فعالية دور هذه المؤسسة في التعاون الدولي -الثنائي والمتعدد- مع دول ومنظمات وهيئات كثيرة، سواء على هامش احتضان الجمعية العامة للأنتربول أو غيرها من المناسبات والزيارات والاستقبالات.
    يحسب للمديرية العامة للأمن الوطني نجاحها التواصلي مع الرأي العام من خلال الأبواب المفتوحة سنويا والتي حطمت هذه السنة بالجديدة كل الأرقام السابقة وبلغ عدد الزوار مليونين و400 ألف زائر.
    كان لافتا للانتباه خلال جرد الحصيلة تلك الإطلالة التي ختمت بها على المستقبل وما تعتزم تحقيقه في العام القادم، حيث جددت تأكيدها على الالتزام بمواصلة الجهود الرامية إلى ترسيخ الأمن العام، وتعزيز الشعور بالأمن، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين والسياح الزائرين، فضلا عن السعي إلى النهوض بالأوضاع المهنية والاجتماعية لكافة منتسبي أسرة الأمن الوطني.
    تستحق هذه الحصيلة الاطلاع على تفاصيلها، وحينها سيعي الجميع حجم الجهود التي تبذل لحماية أمن المغاربة، ولتطوير هذه المؤسسة بالشكل الذي يضعها دائما متفوقة على صناع الجرائم والاضطرابات وتجار المخدرات وكل من يخرق النظام العام.
    موعدنا بوح قدم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الناطق السابق باسم الوداد يلتحق بالتقدم والاشتراكية استعدادا للترشح بعين الشق