لبكر على ضوء قضية لخصم.. لهذه الأسباب يحتدم الخلاف بين المنتخبين وسلطة الوصاية
رشيد لبكر على ضوء قضية لخصم.. لهذه الأسباب يحتدم الخلاف بين المنتخبين وسلطة الوصاية
في مقال توصلت به “شوف تيفي” من المحلل السياسي رشيد لبكر، أكد هذا الأخير، أنه “من المشاكل التي ما تزال تعيق السير العادي للعمل الترابي المحلي بل وتقف حجر عثرة أمام العديد من المشاريع والبرامج التنموية، هناك عملية “شد الحبل” التي يكون أبطالها العمال والولاة ممثلي الحكَومة يعني الإدارة المركزية من جهة، ثم المجالس الترابية والجهوية، وعلى رأسها الرؤساء باعتبارهم ممثلي السكان وممثلي الإدارة المركزية، وقد يؤدي اختلاف وجهات النظر، كما حدث ويحدث مرارا، إلى تعطل هذه المشاريع وحدوث نزاعات قد تصل إلى القضاء”.
والسبب راجع بالأساس، يضيف أستاذ القانون العام كلية الحقوق بالجديدة في مقاله، إلى “تداخل الاختصاصات وعدم وضوحها بدقة على مستوى الفعل الميداني، وليس فقط على المستوى القانوني النصي، فتقاطع وتداخل الاختصاص يترتب عنه اختلاف وجهات النظر، لا سيما إذا كان الحس التواصلي وعدم الثقة حاضرا بين الجانبين، علما أن ممارسة الاختصاص مرتبط بجانب منه أيضا بكاريزمة ممثل الحكومة أو ممثل الساكنة، فأحيانا يكون رجل السلطة ذاته، شخصا متدخلا ميالا إلى الهيمنة، وأحيانا يكون ممثل الساكنة مهادنا أكثر من اللازم إن لم نقل ضعيفا ومذعورا وسلبيا (لأسباب متعددة ! ) ، فهذه السلوكات من العوامل التي تفسر هده التصادمات، لأن رجل السلطة قد يكون معتادا على سلوك معين في تعامله مع رئيس المجلس داخل مجال ترابي معين، ولكن عند حدوث تغيير في هذا المجال على مستوى ممارسة السلطة، أو عند صعود رؤساء آخرين، قد يحدث الاصطدام بين كلا الطرفين لاختلاف الشخصيات المخالفة لما سبق التعود عليه، ثم لا ننسى عدم الثقة الذي قد يبديه رجل السلطة تجاه رئيس معين لأسباب متعددة، قد ترجع لتاريخ الرئيس أو لسمعته أو لعقليته أو لكيفية رؤيته وتقييمه للمسؤولية، إلى غير ذلك من أسباب، تجعله دائما محلا للتوجس ولطرح السؤال حول الخلفيات من وراء المشاريع التي يدعو إليها، وهذا هو الآخر سبب كاف لنشوب الصراع… أعتقد إذن أن الحالات عديدة ويصعب حصرها، و لكن سببها الرئيسي يتلخص في الذي أشرنا إليه، فهناك من جهة، عدم الدقة في توزيع الاختصاص ثم مشكل عدم الثقة وهي أم المصائب في واقعنا التدبيري مع الأسف دون الدخول في التفاصيل”.
وأضاف رشيد لبكر قائلا: “أعتقد أن المشرع ذاته حاول اقتراح الحل متمثلا في إصدار ميثاق عدم التمركز وميثاق الاستثمار و الدعوة الدائمة والمتتالية للملك إلى ضرورة التقيد بمضامينهما وتطبيقهما التطبيق السليم، إذ تدخل مقتضياتهما في باب توضيح حدود تدخل كل الأطراف في العملية التدبيرية الترابية، وكذا ضبط العلاقة بين ممثلي الإدارة المركزية وممثلي السكان، إلا أن الإلمام بهذه المقتضيات يقتضي التحلي بالروح الوطنية ونكران الذات وتقديم المصلحة العامة على الخاصة من كلا الجانبين، ثم ضرورة خضوع الرؤساء على الخصوص، لدورات تدريبية لفهم هذه المقتضيات وغيرها من قوانين ترابية، من أجل المساعدة على بناء قيادات ترابية محلية، واعية باختصاصاتها، وغير مستعدة للتخلي عنها، ولكن في إطار من التعاون مع السلطة ودون الرغبة المفتعلة أحيانا للدخول معها في صدامات وبطولات عنترية، وهذا لن يتأتى إلا بالتدرب علي تقنيات التواصل والتمكن من آليات الترافع والإقناع، مع التحلي بشرطي المواطنة ونظافة اليد، وهذا هو المشكل الأكبر الذي يعاني منه العمل الترابي ببلادنا، ولن يحل إلا ببلورة ميثاق وطني أخلاقي يتحمل فيه الجميع المسؤولية: الإدارة والأحزاب والقضاء والمواطنون، فالكل مدعو لتطبيق قاعدة ربط المحاسبة بالمسؤولية، من منطق حسن التدبير والدفاع عن قضايا الوطن، وليس من منظور (اعطيني نعطيك/حضيني نحضيك/غمض علي نغمض عليك.)”