بوح الأحد: شكرا محمد السادس حكم ذاتي في إطار السيادة المغربية،…

بوح الأحد: شكرا محمد السادس حكم ذاتي في إطار السيادة المغربية،…

A- A+
  • بوح الأحد: شكرا محمد السادس حكم ذاتي في إطار السيادة المغربية، نصر 31 أكتوبر يحول الإرادة المغربية إلى قرار لمجلس الأمن لإحتضان أهلنا بعد استرجاع أراضينا، إكرام الميت دفنه، جيل الشباب يشيعون شيوخ Y إلى متواهم الأخير و أشياء أخرى…

    أبو وائل الريفي

  • يمكن القول بدون تردد بأن شهر أكتوبر من كل سنة أصبح موعدا للاحتفال بالانتصارات الذي زاده لذة ووهجا هذه السنة الإنجاز المونديالي للشباب وجلبهم للقب العالمي من الشيلي. وفرحة أخرى لا تقل عنها أهمية كان موعدنا معها آخر يوم في الشهر بخصوص قضية الصحراء المغربية.
    تميزت نهاية أكتوبر من هذه السنة بمصادقة مجلس الأمن على قراره السنوي بخصوص الصحراء المغربية. أصبح هذا الموعد فرصة للعالم ليطلع على عدالة هذه القضية واستغراب عدم قدرة هذه المنظمة على فك طلاسمها وإيجاد حل لها بسبب حسابات لم يعد لها أي مسوغ لأنها من مخلفات الحرب الباردة التي انتهت، ولكن ما يزال العالم يجتر بعضا من تداعياتها.
    قبل موعد الحسم نهاية الشهر كان الترقب سيد الموقف، ولكن طبيعة هذا الترقب تختلف من طرف إلى آخر ومن دولة إلى أخرى.
    في المغرب، كان الترقب ممزوجا بالاطمئنان والأمل أن يضيف قرار هذه السنة لسابقيه جرعة أخرى تعجل بوضع نقطة النهاية لنزاع مفتعل طال نصف قرن بدون مبررات مقنعة. سبب اطمئنان المغاربة هو أن هذا الملف في يد أمينة وتحت رعاية ملكية شخصية مباشرة، وتنفِّذ تعليماته دبلوماسية يقظة ونشطة وجدية تعي جيدا ما يمثله هذا الجزء من التراب الوطني بالنسبة للمغرب والمغاربة. المغاربة يتذكرون المقولة الشهيرة لجلالة الملك حين قال في خطاب افتتاح الدورة البرلمانية عام 2024 بأن المغرب سيمر من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير، داخليا وخارجيا، وفي كل أبعاد هذا الملف. وسينتقل من مقاربة رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية. ولذلك ظل المغرب يراكم الانتصارات سنة بعد أخرى ويربح المساحات الدبلوماسية في مختلف الدوائر القارية والإقليمية والعالمية ويحصد الاعترافات بمغربية صحرائه وواقعية مقترحه ومصداقية جهوده وسط الدول العظمى وفي كل القارات، بما في ذلك معاقل ظلت محسوبة في خانة العداء للمغرب.
    في الجارة المسكونة بكوابيس المغرب كان الترقب مختلفا. الترقب هناك كان ممزوجا بالقلق والانزعاج والارتباك والشعور بالهزيمة والخوف من تبعاتها، ولذلك كان الشغل الشاغل لحكام الجارة هو الإعداد القبلي والمبكر للرأي العام عندهم لتجرع قرار يخالف كل وعودهم للشعب. استفاق الجيران على وقع تصويت صادم أيقظهم من حالة التخدير التي استمرت لعقود ليتساءلوا عن مصير أموالهم التي أهدرت على قضية خاسرة وعلى كيان صار العالم يتبرأ منه بينما نظامهم ما يزال يحتضنه على أراضيه ويغدق عليه العطايا ويتغاضى عن جرائمه ويحاول أن يمد من عمره رغم أن كل المؤشرات تؤكد أن تاريخ صلاحيته انتهى ولم يعد أحد مقتنعا بشعاراته.
    في دول المنطقة كان الترقب يشعر العالم بأن مصير المنطقة ومستقبلها مرتبط بإنهاء هذا النزاع لأن استمراره عائق في وجه تنمية المنطقة، ولا سيما في ظل تهديد جبهة الإنفصال بالعودة إلى الحرب وخرق اتفاق وقف إطلاق النار وفي ظل ما صار في حكم المؤكد بشأن تورط هذه الجبهة في أعمال إرهابية وتجارة الممنوعات.
    من جهتها وطيلة هذا الشهر بدت الدول الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، أكثر حرصا واستعجالا وإلحاحا على التقدم في خيار إيجاد حل نهائي لهذا النزاع الذي صارت كلفته مرتفعة وتهديداته متعدية لأطرافه لأنها تلقي بظلالها على كل الجوار، ولا يمكن للمنطقة أن تستوعب كل هذا الكم من النزاعات البينية، وقد كان لافتا للانتباه تأجيل جلسة ملف الصحراء المغربية بيوم لأن ملف الحرب في السودان اكتسى استعجالية جعلته يبرمج قبله.
    الترقب عند الطوابرية تمثل هذه المرة في اليقين بأنهم بلغوا محطة النهاية، وكل أكاذيبهم فضحت. شاهدوا بأم أعينهم أن أمريكا حاملة القلم في هذا الملف،ومعها باريس ولندن وباقي أعضاء مجموعة أصدقاء الصحراء، هي أكثر من يستعجل تسريع التوصل إلى حل نهائي، وأنها لا تخفي موقفها الداعم لمغربية الصحراء، وأنها تمارس ضغطها على كل الأطراف لوضع حد لهذا النزاع الذي حان الوقت لحله، ولذلك فقد وضعت النص الأزرق Blue Draft للقرار متجاهلة كل توسلات الجزائر التي ظلت تبحث عن حفظ ماء الوجه تجاه شعبها لأنها تعي أن هزيمتها قد تكون مقدمة لنهايتها. أول ما يزعج الطوابرية أنهم سيفقدون مصداقيتهم، وخاصة عند مريديهم لأنهم ظلوا يرددون أسطوانة أن الاعتراف الأمريكي مؤقت وغير مفعّل وغير ذي جدوى فإذا بهم يرون مسودة القرار الأولى صادمة لكل “خرافاتهم”، وهو ما أصابهم بالذهول والصدمة التي لم يستفيقوا منها إلا على وقع تصويت ضاعف صدمتهم.
    لم تنفع الجزائر عضويتها في مجلس الأمن واتصالاتها وتوسلاتها لدول بعدم التصويت لصالح مشروع القرار، او استعمال الفيتو ضده، وستخرج من هذا المجلس -بعد ولاية سنتين- خالية الوفاض تجر أذيال الخيبة لأن في فترة عضويتها في هذا المجلس اتخذ أوضح قرار في تاريخه ينتصر للسيادة المغربية على صحرائه ويضع الحكم الذاتي كأساس للتفاوض لحل عادل ودائم ومقبول للطرفين للنزاع، ويذكر بأنه يحظى بدعم العديد من الدول الأعضاء، بل يؤكد بأنه يمكن أن يشكّل الحل الأكثر قابلية للتطبيق، وهو ما يلغي كل المقترحات غير الواقعية التي ظل أعداء وحدتنا الترابية يجترونها على مدار عقود. يمكن القول بأن قرار هذه السنة كان إعلان وفاة ليوتوبيا الاستفتاء الذي لم يعد طرحه سوى رغبة في إدامة النزاع والتهرب من حل واقعي وإدامة حالة العوز والشتات والفقر في المخيمات لأن هناك تجار أزمات وحروب يغتنون منها ويراكمون الثروات دون أدنى مراعاة للظروف المأساوية لمن ولدوا ونشأوا في تلك المخيمات الذين يستحقون وضعا أفضل يحفظ إنسانيتهم ويراعي كرامتهم.
    الضربة القاصمة للجبهة الانفصالية كانت الإنذار من مجلس الأمن من أي تهديد لاتفاق وقف إطلاق النار، وقد كانت الدعوة في القرار صريحة ب”تجنب أي عمل من شأنه أن يعرض العملية السياسية للخطر”. هذا رد مباشر على كل تلك “الجلبات” التي سبقت اتخاذ القرار كنوع من الضغط والتهديد وتجييش الأطفال في المخيمات والتوعد بالعودة لحمل السلاح. كانت الرسالة واضحة بأن هذا خط أحمر.
    ستبقى عبارة القرار حول “الدعم الكامل للأمين العام ولمبعوثه الشخصي في تسهيل وإجراء المفاوضات على أساس مقترح الحكم الذاتي المغربي، بهدف التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين، يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة، والترحيب بأي مقترحات بناءة من الأطراف استجابة لمقترح الحكم الذاتي” بمثابة الزلزال الذي أصاب أركان الانفصاليين وراعيتهم والطوابرية جميعا، ولن يتخلصوا منها طيلة هذه السنة التي تم فيها التمديد للمينورسو، ولن ينسوها في كل الزيارات المرتقبة للمبعوث الشخصي للمنطقة الذي عليه تقديم إحاطات حول تقدم التفاوض الذي “يجب على أطراف النزاع الانخراط فيه دون شروط مسبقة على أساس مقترح الحكم الذاتي المغربي”، وهي إحاطات منتظمة وهو ما يؤكد أن جدول عمل المجلس شبه مفتوح لأي تطور في هذه القضية، وهو ما سيمثل العصا المرفوعة ضد كل المناورين والمراهنين على ربح الوقت، وخاصة أنه مطلوب منه كذلك أن “يقدم، خلال ستة أشهر من تجديد الولاية، مراجعة استراتيجية بشأن مستقبل بعثة المينورسو، آخذا في الاعتبار نتائج المفاوضات”.
    لأول مرة يقر مجلس الأمن أن المقترح الوحيد المطروح للتفاوض هو الحكم الذاتي المغربي، وهي إشارة إلى أن لا حكم ذاتي آخر واردا، ونسبته للمغرب وتكرارها أكثر من مرة تبين أن المغرب هو صاحب مقترح الحل وهو صاحب المبادرة في تنزيل مقتضياته لأنه ملف سيادي. هذه سابقة في قرارات مجلس الأمن حول هذا الملف، وسبب ذلك أن المجلس ضاق ذرعا بالمناورات والدوران في حلقة مفرغة ولم يعد يرى أمامه سوى مبادرة الحكم الذاتي المغربي كمقترح واقعي وعملي وجاد وذي مصداقية.
    لقد ضاقت الدائرة على كل دعاة الانفصال والخيارات تقلصت أمامهم وهامش المناورة أغلق عليهم ولم ينفعهم هذه المرة المقترح الاستسلامي الموسع/ المناورة الذي قدموه في اللحظات الأخيرة ولا رسالة التهديد ولا الاتصالات ولا الرحلات المكوكية بين عواصم الدول المؤثرة، بل إنهم اكتشفوا أن إرادة غير مسبوقة تجمع بين الدول الخمسة لإنهاء هذا النزاع والتفرغ لملفات أكثر حاجة لهذه الجهود التي تصرف في نزاع صارت معالمه واضحة وصاحب الحق فيه معروف ومناورات معرقليه مفضوحة،واكتشفوا أن التلاعب بالمساعدات وبأعداد المقيمين بالمخيمات من غير ذوي الصفات صار مفضوحا بعد التنصيص على إعادة تأكيد طلباته السابقة لتسجيل اللاجئين. لو تم تفعيل هذه فقط لعرفت حقيقة من يقطن في تلك المخيمات والمهام القذرة التي يقوم بها كثيرون منهم في المنطقة.
    بهذا القرار يضاف إلى المكاسب المغربية من القرارات الأممية الكثير. صار الحكم الذاتي قاعدة أساسية والحل العملي الموضوع على طاولة التفاوض، ولا شيء غيره.
    من أهم ما يدعم الموقف المغربي أمام المنتظم الدولي الحكمة الملكية في تدبير هذا الملف والخطابات الملكية التي تكون كل عباراتها منتقاة بعناية، وهي رسائل كان هذا المنتظم يقرأ ما وراءها. يقارن أعضاء مجلس الأمن بين سياسة اليد الممدودة للجيران وبين التهديد الدائم بالتصعيد والحرب منهم، ويقارنون بين الدعوة الملكية لفتح الحدود وبين إقدام الجيران على إغلاق الأجواء كرد فعل تصعيدي على هذه الدعوة، ويقارنون بين استفزاز المغاربة بدون سبب وبين الاستقبال الحار الشعبي الذي يحظى به الجزائريون فوق التراب المغربي، ويقارنون بين اقتراح المغرب حلا لا غالب فيه ولا مغلوب رغم أنه صاحب حق وبين من يتحدث عن “اقتسام فاتورة السلام” وكأنه في سوق للبضائع وليس أمام أرواح أزهقت وأسر مشردة وأرحام ممزقة، ويقارنون بين الدعوة الملكية لتناسي الخلافات التاريخية وبين حالة التصلب غير المبرر عند الطرف الآخر.
    يتذكر العالم خطاب المسيرة الخضراء لعام 2018 والذي عبر فيه جلالة الملك عما يريده” و يشهد الله أنني طالبت، منذ توليت العرش، بصدق وحسن نية، بفتح الحدود بين البلدين، وبتطبيع العلاقات المغربية الجزائرية.وبكل وضوح ومسؤولية، أؤكد اليوم أن المغرب مستعد للحوار المباشر والصريح مع الجزائر الشقيقة، من أجل تجاوز الخلافات الظرفية والموضوعية، التي تعيق تطور العلاقات بين البلدين”. يومها دعا الملك إلى إحداث آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور، يتم الاتفاق على تحديد مستوى التمثيلية بها، وشكلها وطبيعتها، وأكد انفتاحه على اقتراحات ومبادرات الطرف الآخر، تأسيا بجده صلى عليه وسلم : “ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه”.
    ها نحن اليوم أمام حالة الإجبار للجيران لقبول والرضوخ لما رفضوه طوعا وكان يمكن أن يمثل لهم طوق نجاة وحبل إنقاذ أمام شعبهم الذي سيكون يوم الحساب أمامه عسيرا -طال الزمن أم قصر- لأن هذا الشعب هو الذي دفع كلفة هذا الصراع من معاشه وأمنه واستقراره، بل إن هذا النزاع كان بوابة للاغتناء والفساد لبعض المحظوظين منه.

    بهذه الحكمة الملكية وبدبلوماسية ناعمة ودينامية متأنية وخطوات مدروسة ويقظة شعبية ها نحن نعيش انتصارا يشبه الضربة القاضية لأن العالم صار اليوم مقتنعا أننا أصحاب حق وأننا جادون في إيجاد حل لهذا النزاع ومنفتحون على كل الحلول على قاعدة الحكم الذاتي لأنه هو الحل العملي والواقعي وذي المصداقية كما يشهد بذلك المنتظم الدولي. اقتنع الكل أن التشبث بفكرة الاستفتاء ليس إلا مناورة لعرقلة التوصل إلى حل، وأن الحكم الذاتي أفضل تعبير عن تقرير المصير في هذا النزاع، وأنه يحفظ للدولة وحدتها ويأخذ بعين الاعتبار ميثاق الأمم المتحدة ويقي المنطقة سرطانا خبيثا يشكل تهديدا لها.
    لكل ما سبق لم يكن مستغربا أن يمر التصويت على هذا القرار رقم 2797 بتاريخ 31 أكتوبر 2025 بسهولة وبأغلبية 11 صوت وبدون فيتو وهي أغلبية جد معبرة عن منحى المنتظم الدولي تجاه هذا النزاع المفتعل. ومرة أخرى غردت الجزائر خارج السرب، وعزلت نفسها عن إرادة المنتظم الدولي بإقدامها على مقاطعة التصويت لتفضح نفسها وتبين أنها هي الطرف الآخر في الصراع وليس أداتها البوليساريو التي اكتشفت بعد هذا القرار أن راعيتها أشبه بالخوخ الذي لم يداو نفسه فكيف يمكن أن يكون دواءا لغيره.

    لقد كان جلالة الملك وفيا لكل الإلتزامات التي عبر عنها في كل الخطب الملكية السابقة و لم يتفاجأ الرأي العام الوطني و الدولي بروح خطاب 31 أكتوبر 2025 عندما أكد على اليد الممدودة لطي الملف وفتح المجال لعودة أهلنا من الساقية و الوادي إلى حضن المغرب الموحد و الله أكبر.
    قلت في بوح سابق، وأنا أتحدث عن Genz212، بأن “إكرام الميت دفنه”. لم أكن حينها إلا واصفا لواقع لا يرتفع وناقلا لحقيقة لا يمكن إخفاؤها. ماتت Genz212 مبكرا لأن ولادتها كانت قسرية وحملها كان كاذبا ومبررات وجودها غير متوفرة. سيلاحظ الرأي العام أنني لم أخصص مساحات من هذا البوح لاحتجاجات كثيرة عرفتها مناطق مختلفة لأنها مظهر من مظاهر الحرية والديمقراطية في المغرب وتعبر أحيانا عن مطالب تكتسي أولوية عند ساكنة تلك المناطق، بينما ما أريد لها أن تحمل رمز z كانت بدون سبب، ومن كان وراءها اختبأ وراء ذلك الرمز الجيلي ليخفي عمره الحقيقي وليرسل رسالة مشفرة للسلطات التي فهمت هدفه الحقيقي منها، ومن كان يديرها -ممن ينسب للشباب- تعمد إخفاء هويته الحقيقية واستعمال هويات رقمية تضليلية، ومطالبها المعلنة كانت تخفي مطالبها الحقيقية التي لا علاقة لها بالتعليم والصحة، ووجود عدد من نشطائها خارج المغرب فضحته الكثير من الوقائع التي ذكرتها في أكثر من مناسبة ومنها استعمال أسماء لمناطق بلغة غير التي نستعملها نحن المغاربة، أو نشر توصيات التداول في منصات خارج المغرب من طرف جهات معروف مكانها وأجندتها، وغير ذلك من المؤشرات التي اتضح للجميع أنها كانت صحيحة ولم يستطع أدمينات الحركة تكذيبها.
    شيوخ Genz212منتحلو صفات شبابية والمختفون وراء شباب مغرر بهم هم من جيل يائس يجر معه عقودا من الفشل ومليء بالأحقاد تجاه الدولة المغربية ومستعد لأي شيء للتشفي فيها بدون سبب رغم أن هذه الدولة هي التي وفرت له التعليم والصحة والعيش الكريم الذي يجعله يعيش بكرامة وهو في العقد السابع من العمر. وحتى لا يبقى الكلام فضفاضا أتقاسم معكم في هذا البوح بعضا من هذه الأسماء ولكم الحكم.
    هناك “سبعينيون” كثر يحنون لزمن المراهقة ولكنهم يريدون ممارستها بوسائل وعقليات “زيدية: z” رغم أن أحفادهم قد يتعففون عن ذلك حشمة وحياء. “المناضلون السبعينيون” عجزوا عن الإطاحة بالنظام منذ عقود، وفشلوا في زعزعته بعد أن جربوا كل الوسائل، ولا يستوعبون التغيرات التي عرفها العالم لأنهم يصرون على العيش في زمن غابر وفي عالم صغير وبعيدا عن الواقع، ولا يريدون الاعتراف بالعجز والفشل وعدم القدرة على مسايرة هذه المتغيرات.
    هل يعرف الشباب “الزيدي” أن أحد من يديرهم خلف الستار عمره 79 سنة (مولاي.ح.ه.د) ومعه عبد.س. ب 76 سنة؟. هل يعلمون بأن من يدفعهم نحو الهاوية عمره 72 سنة (الحبيب.ت) وادريس.ج 71 سنة ومحمد.ل 72 سنة؟. هل باستطاعتهم تخيل أن من يقودهم حقيقة هم من أعمارُهم تتجاوز الستين، وأذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر المختار.م 68 سنة، وحسن.ص 66 سنة، ومحمد.د 64 سنة، ومحمد.ح 69 سنة، وعبد.ح.و 68 سنة، وامبارك.ف 66 سنة، وعبد.ح.ب 63 سنة؟
    هذه عينة فقط، ومنها الكثير، ممن خططوا ودبروا وتحركوا للتلاعب ببعض الشباب وجرهم إلى “الهاوية” لأنهم من ورثة استرخاص أرواح الناس في سبيل تحقيق نزواتهم النضالية المرضية. وهي كلها أسماء حقيقية وأعمارهم حقيقية وماضيهم ثقيل ولا زيادة ولا نقص فيها، بل هي كما قلت مجرد عينة ومنها الكثير. لذلك قلت من اليوم الأول لGenz212 بأنها تتخفى وراء الشعار الجيلي بينما هي تهدف لتحقيق معنى سياسي لذلك الرمز والذي اتضح بعد أيام أنه استهداف وتشويه وإرهاق السلطات الأمنية وتوظيف ما سيصدر عنها في المنتديات الحقوقية لأن هناك بعض الدكاكين والمنابر المستعدة لتقديم هذه الخدمة تحت الطلب أو بدون طلب. فالتقاء المصالح يجعل كل هؤلاء يدا واحدة ضد المغرب وانتصاراته.
    يفسر هذا التحليل تسابق “المقاولة” -التي تختفي وراء العمل الحقوقي بينما هي في الحقيقة تجمع حزبي عجز من يتحكم فيه عن فرض أداته الحزبية الهامشية في المشهد السياسي بأدوات السياسة والديمقراطية- إلى الركوب على هذه “الحركة” للعودة لواجهة الأحداث بعدما طواها النسيان وهمشتها الفضائح وأضعفتها الصراعات التي كانت سببا في نشر غسيلها الداخلي الوسخ بين المغاربة وأدت إلى انصراف الكثير من أعضائها عنها بعدما يئسوا من أي محاولة لإصلاحها.
    ما سماه القادة الشيوخ المتحكمون في الجمعية تقريرا حقوقيا لم يكن في الحقيقة سوى وثيقة سياسية محررة من محبرة إيديولوجية منغلقة ووفق خط عدائي للسلطات المغربية وبخلفية انتقامية وانتصارا لمقاربة بعيدة عن الحد الأدنى مما تتطلبه تقنيات وأدوات العمل الحقوقي.
    كان ذلك “التقرير” مليئا بالمعطيات المكذوبة والتي تبنت رواية واحدة ولم تستحضر الرأي الآخر، وهذه وحدها تكفي ليكون المكان الطبيعي له هو سلة المهملات وليس جداول أعمال المنظمات الحقوقية الرصينة لأنه افتقد الحياد الواجب في الفاعل الحقوقي.
    كان ذلك “التقرير” متسرعا في أحكامه وكاذبا في معلوماته ومجانبا للصواب في خلاصاته. اتهم صانعو التقرير السلطات المغربية بالتكتم وحجرها على الحق في المعلومة، والحقيقة أن ناطقا باسم وزارة الداخلية تواصل مع الرأي العام في أكثر من مناسبة في وقت مبكر وتحدث عن كل ما يتعلق بالأحداث التي كانت وراءها Genz212 بالوقائع والأرقام، وتحدثت بعد ذلك النيابة العامة بتفاصيل عن التوقيفات والمتابعات وطبيعة التهم والأحكام. فلمصلحة من تعمدت الجمعية تغييب هذه الحقيقة؟
    السمة الملازمة دائما لهذه الجمعية هي التسرع، وهي عادة سيئة سببها خلفيتها السياسية والإديولوجية التي تجعلها تخرق أحد أهم ما يميز الفاعل الحقوقي الذي يجب أن يتأنى في ما ينشره ويتثبت من ذلك بالانفتاح على كل المعنيين وتمحيص كل الروايات ومطابقتها ببعضها قبل تبنيها وهذا يتطلب وقتا، ولذلك فهي تعمدت النشر المتسرع والتلاعب بالأرقام وتضخيم الاستنتاجات لأنها كانت مجبرة على ذلك بأمر من الشيوخ الذين سبق أن ذكرت بعض أسمائهم وأعمارهم حتى يتحقق إمداد الحركة التي تموت ببطء بإكسير الحياة لضمان استمرارها وحشد دعم دولي لها، وهو ما فشلوا جميعا في تحقيقه لأن التواصل المؤسساتي الرسمي فوت عليهم هذه الفرصة ووضع كل تلك التوقيفات والمتابعات والأرقام في سياقها، ولأن ما تم تداوله من أعمال تخريب وإضرار بالمنشآت العامة و الخاصة جعل الكل يتردد في تبني خلاصات تقرير الجمعية.
    لم يتحقق هدف التهييج ضد السلطات لأن الرأي العام الداخلي والخارجي تابع بالصوت والصورة على المباشر حرفية التدخلات الأمنية ومهنيتها وتناسبها مع حجم التخريب، ولأنهم تابعوا أن الهدف من كل التدخلات كان هو منع تجمهرات غير قانونية لأن أصحابها من ذوي الهويات المجهولة لم يكلفوا أنفسهم عناء التصريح بها لدى السلطات العامة كما يوجب ذلك القانون المغربي الذي لا ينكر أحد أنه متقدم ومتلائم مع مقتضيات الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. فلماذا تجاهل التقرير عدم القيام بالتصريح من أجل تلك التظاهرات التي ادعت كذبا أنها وقفات إلا إن كانت ضد القانون ونصيرة للفوضى لأسباب لا تخفى على أحد؟ ولماذا تصر على وصف تلك الاحتجاجات بكل ما رافقها من تخريب ب”السلمية”؟ ومن المستفيد من كل هذا الكذب؟
    حكم التقرير أسلوب التدليس لأن أصحابه كانوا يتعمدون نسب التخريب والعنف وخرق القانون للمجهول، ولا يخفى أن هذا يندرج في خانة التستر على جرائم وعلى مرتكبيها وهو ما يبعدها عن الحياد اللازم مع أن هذه الجرائم توجب إدانة شديدة لأنها استهدفت مرافق عامة وخاصة ومصالح من لهم حقوق كان يجب على الجمعية استحضارها والدفاع عنها والتنديد بمن خرقها كذلك، وبالمقابل، يسمون السلطات العامة بالاسم حين يتعلق بما يرونه خروقات. كان الأولى بالجمعية التحقيق بشأن أعمال التخريب كذلك ليتصف تقريرها بالحياد والتوازن. ولكن فاقد الشيء لا يعطيه وكل إناء بما فيه ينضح.
    يوما بعد آخر تؤكد الجمعية بمواقفها أنها ما تزال أسيرة مقولات متجاوزة من قبيل “المقاربة الأمنية” والتي تؤكد كل المعطيات أنها غير صحيحة بما يريدون إيصاله من تجاوز للقانون، فكل المنشورات تبين أن هذه المقاربة كانت منضبطة للمعايير الحقوقية والمهنية وفي نطاق القانون، وأن السلطات الأمنية تعاملت مع تلك الاحتجاجات بضبط نفس وحرص على تأمين ممارستها ما لم تضر بالنظام العام، ولذلك فأكثر الاحتجاجات لم تتعرض لأي منع أو تضييق مع أن الاستعمال الحرفي للنص القانوني كان يتطلب منعها لأنها بدون سابق تصريح كما ينص على ذلك قانون التظاهر.
    لن ينفع الشيوخ ولا الجمعية ولا غيرها من الطوابرية في إطالة عمر Genz212 لأن أعدادها على قلتها في ٱندحار، والانسحابات الجماعية منها في ارتفاع، ولم يعد بمقدور محركيها المجهولين تأمين حضورها حتى في المدن التي يعلنون أنها معنية بالاحتجاجات، والرأي العام على وعي بأهدافها التي تضرر منها في مناطق كثيرة مغاربة بدون سبب، وإصرار قادتها المتخفين على عدم الكشف عن وجوههم وأسمائهم ومطالبهم يبعث الشك الأقرب لليقين بأن ما يضمرونه هو نقيض ما يظهرونه. الشيوخ هذه الأيام بصدد إحصاء الخسائر والتشاور الذي يريدون توسيعه على غير العادة لحشد دعم لGenz212وكأنهم يريدون تقسيم فاتورة الإفلاس المرتفعة على الجميع وتعويم المسؤولية التي تسببوا فيها بالزج بشباب مغفل في خيارات مهلكة.
    لقد كان جديرا بالانتباه أن عدد المدن التي تظاهر فيها Genz212 نهاية الأسبوع لم تتجاوز الثلاثة (الدار البيضاء والرباط وطنجة) رغم أن المنشور الإعلاني تحدث عن عشرات المدن، وأن العدد لم يتجاوز 100 نفر رغم أن التعبئة كانت تتحدث عن مليونية. هذه شهادة أخرى للوفاة. كيف للمنظمين في عشرات المدن التي أعلن عن نزول الحركة فيها لم يتقدموا الصفوف لإنجاح ما ادعوا أنها ستكون مليونية؟ ألا يبعث هذا على الشك في هؤلاء ومن يحركهم؟ ألا يدفع هؤلاء بالشباب المغرر بهم إلى الهلاك بينما هم وراء شاشات حواسيبهم من خارج المغرب؟ والشواهد كلها تؤكد أن منهم من يقطنون عند جيراننا الذين يعيشون في عالم آخر لا يرون فيه إلا كابوسا اسمه المغرب ينغص عليهم عيشتهم.
    مرة أخرى “إكرام الميت دفنه”، وسيكون من الشجاعة المسارعة بذلك، والتفكير بجدية في اعتماد الطريق الواضح والقانوني والسهل والمختصر والذي توفره الديمقراطية في كل الدول. هذا الطريق ليس إلا الانخراط في مسلسل الإعداد للانتخابات القادمة وامتلاك شجاعة الدخول لمعترك المنافسة على حيازة الثقة الشعبية. ما يزال الوقت يسمح بهذا، وما يزال الهامش واسع للتأثير من داخل القانون والمؤسسات وبما تتيحه الآليات التشاركية في كل مخرجات الإعداد للانتخابات.
    بدون هذا المسلك يضيع هؤلاء الوقت والطاقة فيما لا فائدة منه.
    أما الطوابرية فليس أمامهم إلا تذكر ما قلته في أول بوح من هذه السنة التي جزمت أنها ستكون خريفا عليهم ونهاية لكل “تنوعيرهم”، وها هو الوعد يتحقق قبل نهاية السنة بأشهر. وها هو مغرب الانتصارات يراكم انتصاراته التي لم يعد بمستطاع أي قوة وقفها لأنه متسلح بعدالة قضاياه والالتفاف الشعبي حولها وحكمة تدبيرها من طرف عمود خيمة المغرب جلالة الملك الذي لم يعودنا إلا النجاحات والانتصارات.
    موعدنا بوح قادم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    تأخير ملف المتهمين بتبديد أموال عمومية لإحضار المسؤول السابق لأملاك الدولة