بوح الأحد: مجلس شورى العدل و الإحسان يعري جماعة الخرافة…
بوح الأحد: مجلس شورى العدل و الإحسان يعري جماعة الخرافة، رفض و ٱستنكار المغرب للدعوات التي تهدف لتهجير سكان غزة و الضفة خارج فلسطين، من هولندا تجار العشبة و وهم الإنفصال و أشياء أخرى…
أبو وائل الريفي
كلما أخرج عدلاوة بعضا مما يروج داخل غرفهم المظلمة للعلن فضحوا حقيقتهم وكشفوا عزلتهم عن العالم. مجلس شورى الجماعة -التي تتصور نفسها فوق غيرها وتريد فرض منطق أنها دولة داخل الدولة- كان مناسبة لإطلاع مريديها على حقيقة الدوامة الفارغة التي تدور فيها قيادتهم وتأكيد ما يتهامس به جيل الشباب في مجالس النميمة التي تتناسل كالفطر كبديل لمجالس الذكر التي كانت تتباهى بها القيادة المتنفذة كانفراد لها عن غيرها قبل أن تكتشف أن هذا المغرب بلد الصالحين كما هو مأثور عن أهل الله منذ قرون حين يقولون “المشرق بلد الأنبياء والمغرب بلد الأولياء”، ولذلك فمجالس العلم والإيمان تملأ كل المساجد ويغشاها المغاربة دون حاجة إلى هذه الجماعات بضمانة إمارة المؤمنين الساهرة على تأمين ذلك.
حاول بيان القيادة العدلاوية إضفاء طابع الطمأنينة على أداء الجماعة لامتصاص حالة الغضب التي تنتاب الأتباع فعبر عن الارتياح “الكبير” لمستويات أداء المؤسسات والأفراد، وبهذا ينطبق عليهم المثل الشعبي “شكون يشكر العروسة…”. عبارة الارتياح الكبير لا يفهمها إلا من هم داخل الجماعة أو يعايشون تراجعها وعزلتها، ولذلك فهي صيغة تصويرية مبالغ فيها لاسترجاع ثقة القاعدة التابعة في قيادة مهزوزة تشعر أن البساط يسحب منها تدريجيا وأن المريدين ينْفَضّون من حولها بهدوء تظهره الأرقام والوقائع التي لا تخطئها العين المجردة لمن يتابع شأن جماعة العدل والإحسان.
تعمد بيان عدلاوة تغييب ما حدث في سوريا رغم أنها خصتها ببيانات سابقة وتعمد قادتها في حواراتهم الإشارة إليها بالثناء قبل أن ينقلبوا عليها. لماذا تجاهل عدلاوة تطورات ما يحدث في سوريا؟ هل هناك مسوغ يستدعي هذا التغييب؟
الحقيقة أن ما يحدث في سوريا لا يتناغم مع هوى عدلاوة. كانوا يظنون أن الإطاحة بنظام الأسد ستكون خطوة نحو تحقق أحلامهم عن “موجة ثانية” من ربيعهم القاحل فاكتشفوا أن سوريا تنحو منحى مختلفا بسعيها للعودة إلى حضنها العربي وتقابَل بنفس السعي من دول عربية كثيرة، وضمنها المغرب الذي أرسل ملكه رسالة تهنئة للرئيس أحمد الشرع بما تحمله من دلالات ومعاني تضاف إلى ما تلقاه من رسائل واستقبالات وزيارات من دول أخرى. جن جنون عدلاوة بعد أن خسروا جولة أخرى فقرروا تجاهل سوريا وكأنها غير موجودة في الخريطة أو كأن ما تعيشه لا يستحق جملة صريحة تؤطر الأتباع التائهين في مواقع التواصل الاجتماعي بدون توجيه.
بيان عدلاوة فضح الحقد الذي يكنونه للمغرب وكذا جهلهم بالدين. يبدو أن غصة مدونة الأسرة ما تزال في بلعوم الجماعة لأنهم يشعرون أن طريقة تدبير الملف فوتت عليهم فرصة النيل من إمارة المؤمنين، ولذلك فقد فضحوا جهلهم بالإسلام ومقاصده وسماحته وهم يصفون مقترحات العلماء ب”التجرُّؤٍ على ثوابت الشريعة” دون أن يبينوا طبيعة هذا التجرؤ وأمثلة عنه، ولم يستوعبوا خطورته وتداعياته، وصنفوا أنفسهم من خلال هذا الادعاء بدون دليل ضمن الغلاة المتنطعين. هذه هي نتيجة الحقد الذي يطمس البصر والبصيرة. الجماعة مطالبة أمام المغاربة أن تبرز مكمن التجرؤ على ثوابت الشريعة للمغاربة وإلا فإن الدافع إلى هذا الكلام المتهور هو الشعور بالقزمية تجاه مؤسسة إمارة المؤمنين التي تشهد التفافا شعبيا حولها لأنها وعدت فوفت بالوعد ومقترحات المراجعة “لم تحل حراما ولم تحرم حلالا”. ستبقى هذه السقطة شاهدة على غرابة ما يدعو إليه عدلاوة عن المجتمع المغربي وشذوذ اجتهاداتهم عن المتواتر بين علماء الدين. الاجتهاد الذي يريد عدلاوة فرضه علينا لا يختلف عما تروج له التيارات المتشددة ولعل هذا من أسباب إعراضهم عن ذكر ما يحدث في سوريا لأن أحمد الشرع لا يعكس ما ألفوه عن الجولاني من أفكار وتوجهات.
ولأنهم يهوون الاصطياد في المياه النتنة فإنهم لم يفوتوا المناسبة للضرب في مواقف الدولة والتشكيك في موقفها الثابت من القضية الفلسطينية بتبني شائعات مغرضة دون فهم طبيعة من أطلقها والهدف منها وتوقيت إشاعتها.
هل يعقل أن يطالب المغرب بالرد رسميا على تصريحات فردية أطلقها -لأسباب وخلفيات معروفة- شخص بدون تقديم دليل على صحتها؟ لماذا لا يكلف نفسه من يطالب المغرب بالتوضيح عناء البحث عن سبب انتشار هذه الشائعات؟ لماذا يريدون إقحام المغرب في مساقات يعرفون مسبقا أن لا مصلحة له فيها؟
لجوء عدلاوة إلى مثل هذه الأساليب الاستفزازية يصنفهم ضمن الطوابرية الذين يخدمون أجندات هدفُها إضعاف المغرب وإشغاله عن أولوياته، وهم بهذه المجازفة يضعون أنفسهم في خانة “أعداء” المغرب والمشككين في ثوابته، ولا يمكن فهم هذه المجازفة إلا بأنها متعمدة لأن موقف المغرب عبرت عنه بشكل رسمي الدبلوماسية المغربية في بيان نشر قبل مجلس شورى عدلاوة في مؤتمر صحافي مشترك لوزير الخارجية مع نظيره العراقي نص صراحة على “اتفق الطرفان على رفض واستنكار الدعوات التي تهدف إلى تهجير سكان غزة والضفة الغربية”، ويؤكدان على أن هذه الخطوة سابقة خطيرة ومنافية لقواعد القانون الدولي والإنساني، وتهدد أمن واستقرار المنطقة”. هل كانت القيادة العدلاوية معزولة عن الواقع ولم تطلع على هذا الموقف الرسمي للدولة المغربية؟ لماذا هذا الإصرار على تجاهل كل ما لا يخدم الأجندة المعادية للمغرب؟
لمن لا يزال في حالة إنكار للواقع يمكنه العودة للصفحة الرسمية لوزارة الخارجية والاطلاع على نص البيان المشترك المنشور يوم 8 فبراير وإن كان من أعداء القراءة أو ممن لا صبر لهم على قراءة البيان كله يمكنه الاكتفاء بالنقط الواردة في الفقرات 12 و13 و14 و 15 وأنصحهم أن لا يفوتوها.
هل ستتحلى القيادة العدلاوية وغيرها ممن ظلوا يزايدون على المغرب بالجرأة فيعترفوا بالحقيقة؟ ها هم مرة أخرى أمام اختبار النزاهة والمصداقية، وحتما سيرسبون فيه بامتياز كما هو الحال دائما لأنهم لا يبحثون عن الحقيقة ولم تكن أسئلتهم بحثا عن موقف المغرب الذي يعرفونه مسبقا ولكن كان هدفهم هو التشويش على مواقف المغرب الثابتة.
لا يكتفي المغرب في تعامله مع القضية الفلسطينية بالمواقف والبيانات، ولكنه يرفقها بالمبادرات على الأرض.
لن ينصرف المغرب عن عمله الرئيسي وينزلق في لعبة الانشغال بالردود على كلام غير معروف مصدره ولم يرفقه مُسَرّبُه بأدلة مادية تجعله يستحق قراءته قبل التفكير في الرد عليه. مثل هذا الكلام لا يعدو أن يكون بالون اختبار أو هو محاولة للابتزاز أو هدفه التشويش والضغط.
ينشغل المغرب بما هو أهم، والأهم هو ما يخفف المعاناة عن الشعب الفلسطيني. استطاع المغرب في فترة الحرب العدوانية على غزة استعمال قوته وعلاقاته لتأمين وصول مساعدات إنسانية مهمة عبر معبر غير مسبوق لأهل غزة، وتم التأكد من أن تلك المساعدات قد وصلت للمعنيين بها؛ وقد أكد ذلك شهود عيان لعدلاوة أمام الملأ في إحدى الوقفات فثارت ثائرة أحد غلمانهم ليمنع الفلسطيني القادم حديثا من غزة أن يدلي بشهادته المؤكدة لوصول المساعدات والتي ابتدأها بالشكر لجلالة الملك رئيس لجنة القدس. والأهم هو مساعدة المقدسيين وشهاداتهم حول دور مؤسسة القدس ووكالة بيت مال القدس متواترة تؤكد العمل المهم الذي يقوم به جلالة الملك. والأهم هو أموال الفلسطينيين المحجوزة من طرف الإسرائيليين وهي المرصودة لأجور موظفي السلطة الفلسطينية وقد استعمل المغرب مرة أخرى قوته وعلاقاته للإفراج عنها ونجحت مساعيه وتوصلت السلطة بتلك الأموال بشهادة حسين الشيخ وزير الشؤون المدنية الذي غرد على موقع إكس مؤكدا نجاح الوساطة المغربية التي قادها جلالة الملك محمد السادس شخصيا لإقناع إسرائيل بالإفراج عن أكثر من 2 مليار دولار من أموال السلطة الفلسطينية التي كانت محتجزة بشكل غير مشروع.
لم يصدر خبر هذا الإنجاز من الديوان الملكي، ولا من الحكومة، ولا عبر الإعلام المغربي، بل كان مصدر المعلومة هو السلطة الفلسطينية.
كل ما سبق يبين أن للمغرب ثوابت تجاه القضية الفلسطينية. المغرب يتضامن مع فلسطين بالطريقة التي يراها الأفضل لخدمة القضية. المغرب لا يتعامل مع الفلسطينيين بمنطق فصائلي أو على أساس انتماء جغرافي. لا يميز المغرب بين هذا الفصيل وذاك، ولا يفاضل بين غزة والضفة والقدس، ويعتبرهم جميعا أحق بالتضامن والمساندة والاجتهاد لتخفيف معاناتهم.
يعمل المغرب لخدمة القضية الفلسطينية في إطار تكاملي مع أدوار دول عربية أخرى. وها هي اهتمامات العالم كله منصبة على القمة العربية التي ستنعقد قريبا لمعرفة الموقف الرسمي العربي وحينها سيفهم هؤلاء جميعا التسرع الذي حكموا به على هذه الدول تجاه أفكار تهجير الغزاويين خارج أراضيهم.
مكان الغزاويين في غزة ولا بديل للفلسطينيين عن فلسطين، ولا يمكن لأفكار متسرعة غير ناضجة لم ترْقَ إلى مشروع أن تجعل دولا تنشغل بالرد عليها. وما على من يريد إشغال المغرب بمناكفات حتى ينصرف عن القضايا الحقيقية إلا مراجعة طريقة اشتغاله والانتباه إلى حقيقة الدور الخبيث الذي يلعبه.
ما حدث من هيجان يثبت أن الطوابرية هواة في فهم السياسة ومكرها والإعلام وتقنياته في التضليل والابتزاز، أو هم مأجورون يريدون من الدولة أن تجيب بشكل رسمي على كلام غير رسمي. وكل هذا يؤكد أن حالة السعار هذه ليست إلا مقدمات على حالة الإفلاس التي يعيشونها.
الأصوات التي احترفت الضرب في المغرب صارت محروقة ومنبوذة وعبئا على من يستخدمها ككلينيكس وها هي تعرت وفضحت. قلنا بأن هذه السنة ستكون نهاية الطوابرية وها هي أوراقهم تتساقط تباعا غير مأسوف عليها بعدما عزلوا ونبذوا وخذلوا من طرف مشغليهم، وبعدما فقدوا البوصلة والتأثير والحضور.
علي الملاوط المصاب بداء “الفشل الدائم” يجرب لعب دور المؤرخ -رغم أنه يعترف بأنه ليس خبيرا- بدون امتلاك أدنى مؤهلات ذلك، ويخوض في موضوع تاريخ منطقة الريف ما بعد الاستقلال وهو موضوع يستلزم ممن يريد الخوض فيه مسافة وأدوات. الملاوط ينتمي جغرافيا لمنطقة الريف ولو أنه لم يحز من أخلاقهم وصفاتهم شيئا. الملاوط منحاز لرواية انفصالية شاذة لا تسندها دراسات موثقة. فشل في الصحافة بعد أن انصرف عنه من كان يطلب اسمه لكتابة مقالات موجهة مسبقا تحت الطلب. ب”تنقازه” لمجال التاريخ يؤكد الملاوط أنه فشل في الصحافة وشعر بأن الكل عرف حقيقته وفضح المصادر التي كان يقتات منها ما ينشر من “خبيرات”. الملاوط كشف مرة أخرى أن روتينه على اليوتوب لم يعد يدر عليه ما يغطي به حاجياته الأساسية، ولذلك فهو يبحث عن ضالة أخرى في التاريخ لعله ينعش مشغليه لأنهم يعملون بقاعدة أن كل شيء يجوز للضرب في المخزن وتشويه تاريخ المغرب. سيكون مآل علي الملاوط مزبلة التاريخ كما لفظه محراب الصحافة، ولن يجد حضنا غير تجار العشبة في هولندا من الفارين من العدالة والمدعومين من نظام جارة السوء لإنعاش مخطط انفصالي بمنطقة الريف بعد فشلهم الذريع في إنجاح مساعي البوليساريو التي تعيش أسوأ أيامها. الملاوط أصبح أداة في يد من ارتموا في أحضان نظام العسكر كلية. وهي نهاية جديرة بالتأمل من طرف كل من اختار معاداة هذا المغرب الشامخ.
فاشل آخر وجد ضالته في تجار العشبة الذين يبحث من خلالهم عن دائرة ضوء تجنبه النفق المظلم الذي يعيش أسيره وتعالجه من فوبيا العزلة بعد انقضاء ولايته الثانية في قيادة الجمعية الريعية التي توفر امتيازات عينية ومعنوية يتخاطف عليها “مناضلو” “نهجاوة”. الرئيس القريبة ولايته من الانتهاء والذي لا يحمل من اسمه أيا من معانيه لا يفهم أنه يوظف في مخطط انفصالي -إن لم يكن جزءا منه- لأن من يتجاوب مع دعوات تجار العشبة انفصالي ولو أنكر ذلك لأن الحكم ليس على النوايا ولكن على الأفعال.
الباحث عن البوز والمشتاق للنجومية ولو بالكذب قد ينجح مع البعض مؤقتا ولكن عاقبته ستكون أسوأ من كل توقع لأن حبل الكذب قصير. من يريد تشويه تجربة المغرب في المصالحة والإنصاف الذي شهدت المنظمات الدولية بنجاعتها وفرادتها والتي استلهمت منها دول عديدة تجاربها سيكون كالقزم الذي يتطاول على شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء ولن ينال منها شيئا لأن القزم يبقى قزما والنكرة يبقى نكرة ولو تظاهر بالنجومية فالمساحيق لا يدوم أثرها إلا هنيهة.
وأخيرا عاد الإرهابي المحجوب عن الواقع والحقيقة بعد طول غياب دام سنين دون أن يبرر سبب ذلك. في إهانة لمن يدمن مشاهدته، اختزل سبب الغياب في “أسباب شخصية جدا لترتيب البيت الداخلي والتركيز على الأبناء”!!! هكذا يؤكد الإرهابي أنه يتعامل مع متابعيه مثل الراعي مع القطيع يسوقهم حسب رغباته ونزوات مشغليه ولا يستحقون منه تبريرا مقنعا بعد أن تركهم وانصرف عنهم لأشياء يعلمها جيدا كما يعلمها من يعرف حقيقته. لم تنجح صفقته مع نظام الكابرانات باعترافه لأنه أساء تقدير وزنه فطلب أكبر من حجمه. لم ينجح في نيل تعويضات من الدولة الألمانية تغنيه عن تغطية احتياجاته وهو “بارد الأكتاف” الذي ارتضى لنفسه العيش عالة على الغير. كان منتظرا أن الإجابة عن سر الغياب الطويل تفتح باب الفهم أمام الأتباع المغيبة عقولهم لمعرفة من يتحكم في معادلة الظهور والاختفاء. هل هو مصالح من يدعي الحديث باسمهم أم جهة متحكمة فيه عن قرب أو عن بعد؟ هل الرجوع قرار ذاتي أم تتحكم فيه جهة أو جهات تسيره بالتيليكوماند؟ ما الهدف منه في هذا التوقيت؟ ما سر الاستوديو الذي وعد بتجهيزه بعد هذه العودة “الخائبة”؟ هل هناك مخطط جديد لتجميع جهود طوابرية معروفين بخطابهم الإرهابي؟
ولأن الإرهابي يبقى إرهابيا لا تخفى ملامحه ولو وضع مساحيق العالم كله، ولأن طبع الإرهابي يغلب تطبعه ولو لبس كل الأقنعة، فإن “المحجوب” عن الرحمة والتسامح كشف عن معدنه الخسيس وطبعه العنيف وهو يمني النفس بالهجوم على مؤسسة سيادية لدولة ذات سيادة ينتمي لها زورا ويمس رمز دولة يحظى بالتقدير والاحترام والتوقير. يظن أن الأمر بهذه السهولة متناسيا أن للمغرب حماته الذين نذروا أنفسهم لحماية هذا المغرب ورموزه.
يتحدث الإرهابي بنبرة المنكسر وملامح جسده تبرز نفسيته المنهزمة وعباراته المنتقاة فاشلة عن التغطية على حقيقته الإجرامية وبحثه عن توسيع متابعيه يؤكد أنه معزول انصرف عنه بعض مما كان مخدوعا فيه. باختصار الإرهابي المقنع ورقة محروقة يحاول مشغلوه أن ينفخوا فيه روحا ولكنهم عبثا يحاولون لأنه جيفة فاحت رائحتها النتنة فأزكمت كل الأنوف لأن الإرهاب ما زال يجري في عروقه وألفاظ الإرهاب لا تفارق لسانه وما على المتحكمين فيه إلا الاعتراف بأن رهانهم عليه فاشل لأنه كسول وبليد ولأن المغرب أقوى من أن يؤثر فيه تافه مثله.
لم يمض وقت قصير على السم/بريرو حتى جاءته صفعة أخرى من مواطنه وزير الداخلية الإسباني، فرناندو غراندي مارلاسكا، الذي اعتبر التعاون الثنائي بين إسبانيا والمغرب، خصوصا في مجالي الأمن وتدبير الهجرة، نموذجي. تنزل مثل هذه التصريحات على أمثال المسموم عبد الحق كالصاعقة لأنه يفهم أن أهدافه لم تتحقق ولم ينل من المغرب شيئا وأن تسميم علاقات المغرب مع شركائه هدف بعيد المنال. يحاول بين الفينة والأخرى العبد “مشرط الحناك” لأعداء المغرب استدراك خسائره فيتودد للمغاربة مدعيا أنه يحبهم ولكنه عبثا يحاول لأن للمغاربة حساسية مفرطة تجاه من يستهدف وحدة المغرب ومؤسساته ولن تنجح تلك المحاولات في استمالتهم وهم يعرفون نواياه العدائية للمغرب ونجاحاته. وما يعزز تصريح وزير الداخلية الإسباني عن متانة التعاون الثنائي هو ما أعلنه الحرس المدني الإسباني عن دور المعلومات التي زودته بها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في ضبط طنين من الحشيش خلال عملية على الساحل الشمالي لجزيرة تينيريفي، في جزر الكناري. هذا يؤكد وفاء المغرب بالتزاماته في محاربة تجارة المخدرات.
نختم بالطوابري الذي ينعم بإقامة فاخرة في بلاد المال والأعمال والذي يتغيب عن جلسات محاكمته التي استفاد فيها من سراح مؤقت يؤكد أنه يستغله أسوأ استغلال. الأغرب أن دفاعه تناسى كل مطالبه بالعدالة الناجزة وانتقاداته لبطء المساطر القضائية وتمسك بالتأجيل رغم تجهيز الملف واعدا بأن موكله مستعد للمثول أمام المحكمة بعد شهرين. هل أصبح هؤلاء أطباء؟ أم “شوافة”؟ لماذا يخاف موكلهم من حضور المحاكمة؟ لماذا يخشى من الترافع دفاعا عن نفسه؟
هذا التمسك غير المبرر بتأجيل البث في المتابعة يفضح ما يدعيه الطوابرية من دفاع عن حقوق الإنسان وانتقادات لبطء العدالة لأنهم هم من يعطلها وسنجدهم في أماكن أخرى ينتقدون التأخر في قضايا ربما تستعمل فيها نفس الطرق التي يستعملونها للتغطية عن موكلهم وتبرير غيابه غير المبرر.
فضائح نظام جارة السوء لا تنقضي، وأعاجيبهم تستحق أن تضاف للعجائب السبع للدنيا. في الوقت الذي ينتظر فيه تبون ردا على طلب الحوار من ماكرون توصل برد غير مباشر من المدير السابق للاستخبارات الخارجية الفرنسية ألان جوييه أثناء حوار إعلامي معيدا ما سبق أن قاله ماكرون عن الجزائر التي لم تكن موجودة قبل إنشائها من طرف فرنسا لأنها كانت مجرد إيالة عثمانية. والأهم هو ما سببه التهور الجزائري من معاناة بالنسبة للجزائريين وما سينتج عنه من تشدد تجاه تنقلهم لفرنسا، ولعل النقاش الدائر في فرنسا حول إلغاء بعض الاتفاقيات رسالة لكل الجزائريين لفهم المآسي التي يتسبب لهم فيها نظامهم، وقد عبر ألان جوييه عن بعض ذلك وهو يقول بأن الاتفاقيات التي كانت تسهل للجزائريين ولوج فرنسا وتمنحهم بعض المزايا كانت خطأ ويلزم فرنسا أن “تفرض استيعابا صارما وتربط الجنسية بخدمة الدولة كما تفعل بعض البلدان”.
لم تتلق الجزائر أي اعتذار رغم مطالبتها بذلك، بل انحنت بعد مدة قصيرة وبقي ذلك الكلام غصة في صدور الجزائريين الذين خذلهم كالعادة نظام الكابرانات الحريص عن نيل شرعية من التقارب مع فرنسا. فهل وصلت الرسالة الجوابية لتبون والعسكر أم أن شفرتها عسيرة القراءة وتحتاج دليلا لذلك؟ ألم تكن صيغة الاستجداء مذلة للجزائريين؟ أليس في طريقة تدبير نظام الكابرانات لموضوع العلاقة مع فرنسا مؤشرات على أنه نظام لم يعد باستطاعته قراءة ما يحدث من تحولات في المنطقة؟ أم أنه يحتاج صدمة أقوى ليستفيق من سباته؟
الصدمة الأقوى أتت هذه المرة من سوريا الجديدة التي شد إليها الرحال عطاف وزير خارجية الجزائر وعاد بخفي حنين مكسور الخاطر. كان لافتا للأنظار توقيت الزيارة الذي أتى أياما قليلة بعد تهنئة الملك محمد السادس للرئيس السوري الجديد أحمد الشرع بتوليه رئاسة سوريا للفترة الانتقالية. الخوف من تقارب مغربي سوري محتمل وتأثير ذلك على ما ترى فيه الجزائر خسارة استراتيجية جعل تبون يبعث وزير خارجيته على عجل وبشكل متسرع ودون أدنى دراسة لمدى قدرته على النجاح في مهمته وفي تجاهل مطلق لسياسة الجزائر وتصريحاتها تجاه سوريا حين كانت تدعم نظام الأسد حتى ساعات قبل رحيله وكانت “تقاتل” من أجل حضوره للقمة العربية لولا تصدي الدول العربية الوازنة لتلك الرغبة الجامحة لنظام الكابرانات بحثا حينها عن رضى إيران وأدواتها في المنطقة.
هي إذن محاولات يائسة للقفز من قارب محور “الممانعة” الذي يتلقى الخسائر تباعا، والعودة عن التغريد خارج السرب، واستدراك الأخطاء القاتلة بعد شعورها بسعي سوريا الجديدة للعودة إلى انتمائها العربي الحقيقي.
لم تخف الزيارة هدفا غامضا يتعلق باستعادة الأسرى الجزائريين وعناصر البوليساريو، الذين وقعوا في قبضة هيئة تحرير الشام في معارك نونبر 2024 بمحيط حلب وتم التعرف حينها على هوياتهم. تقدر أعداد هؤلاء حسب التلفزيون السوري ب500 عنصر من الجيش ومليشيات البوليساريو، وضمنهم ضباط جزائريون برتب عسكرية عليا، كانوا يقاتلون تحت قيادة أحد قادة الحرس الثوري الحاج هاشم الذي لقي حتفه هناك.
تفضح هذه المعلومات -التي ارتفعت مصداقيتها بعد هذه الزيارة والرفض السوري- إلى الحقيقة لتؤكد أن نظام الجزائر داعم للإرهاب ويؤدي دورا قذرا يخدم الميليشيات الإيرانية، وهذه مناسبة لتأكيد ما تنكره الجزائر وينكره الطوابرية حول تورط إيران في استغلال أراضي جزائرية لتدريب عصابات البوليساريو.
عاد عطاف إلى تبون بخفي حنين بعد رفض السوريين تسليمه تلك العناصر والتمسك بمحاكمتها لأنهم يعلمون جيدا تبعات أي خطوة بهذا الصدد تهم الميليشيات الأجنبية التي كانت متواجدة في الأراضي السورية وعدم تساهل المنتظم الدولي تجاه أي تهاون في التعامل مع هذه الفئة.
فضحت هذه الزيارة تقلب مواقف نظام الكابرانات واستعدادهم لتغيير مبادئهم حسب الأهواء من دعم مطلق لنظام الأسد ومشاركة في تثبيت حكمه ضدا على الشعب الجزائري وتحت قيادة ميليشيات إيرانية إلى “استعداد الجزائر الكامل لدعم سوريا في هذه المرحلة المفصلية”، ولكن البرود الذي قوبل به العرض الجزائري من قبل حكام سوريا الجدد كان رسالة واضحة ليفهم هذا النظام الإساءة التي يسببها للجزائريين في العالم كله.
مرة أخرى نؤكد على ما كررناه في أكثر من بوح سابق بأن الجزائر وأداتها البوليساريو ليسا سوى أدوات تخريب في المنطقة وسياساتهما تجعل افريقيا الساحل ساحة خصبة للإرهاب وتجارة الممنوعات. وهذه مناسبة أخرى للتذكير بهذه الحقائق التي أكدها إجهاض الأمن الوطني والجمارك لمحاولة تهريب دولية للمخدرات، وتم حجز 183 كيلوغراما و200 غرام من مخدر الكوكايين بمعبر الكركرات الحدودي جنوب مدينة الداخلة.
يكتشف العالم بعد هذه العملية صواب التصدي المغربي الحازم لمناورات البوليساريو بهذا المعبر ويفهم من كان على قلبه وعينيه غشاوة سبب ذلك التهور الذي طبع سلوكهم وتهديدهم بالعودة للحرب بعد إذلالهم في هذا المعبر حيث فروا وتركوا نعالهم تشهد على جبنهم. كانت البوليساريو ومن يتحكم في حركتها يمنون النفس بالتحكم في تلك المنطقة التي تكتسي أهمية استراتيجية لتسهيل تجارة المخدرات وغيرها.
هذه مناسبة لنقف وقفة إجلال أمام حراس المغرب الذين يصلون الليل بالنهار ويتصدون، عن وعي وبإيمان ورؤية استراتيجية، لكل من يهدد أي شبر من تراب هذا الوطن ولا يميزون بين شماله وجنوبه وشرقه وغربه ووسطه. تحية لكل القوات بمختلف أنواعها فكل واحدة تحمي ثغرا من ثغور هذا المغرب الذي أسند حمايته لمن يعرف قيمته ومستعد لبذل كل غال ونفيس حتى يبقى مغربا حرا وموحدا وقويا وشامخا.
نلتقي في بوح قادم.