المملكة تستحضر الذكرى السبعين للاستقلال:تجديد العهد والوفاء لملحمة العرش والشعب

المملكة تستحضر الذكرى السبعين للاستقلال:تجديد العهد والوفاء لملحمة العرش والشعب

A- A+
  • يستعد الشعب المغربي غدًا، الثلاثاء، لتخليد الذكرى السبعين لعيد الاستقلال المجيد، في مناسبة وطنية فارقة تبعث على الفخر والاعتزاز. لا تمثل هذه الذكرى مجرد تاريخ في السجل الوطني، بل هي رمز خالد لأسمى معاني التلاحم المتين بين العرش العلوي والشعب، وتتويج لملحمة كفاح امتدت على مدى عقود طويلة، هدفها الأسمى صون حوزة الوطن، والدفاع عن سيادته، وحماية مقدساته الوطنية.

    تظل هذه الذكرى محطة مفصلية وراسخة في الوجدان المغربي، حاملة في طياتها دلالات عميقة وقيمًا وطنية رفيعة. وهي فرصة سانحة لاستحضار السياق التاريخي لهذا الحدث الجليل الذي جسّد الوطنية الحقة في أبهى صورها، وأعلن انتصار إرادة ملك وشعب موحد. لقد شكّل هذا الالتحام الوثيق الركيزة الأساسية للتحرر من نير الاستعمار، ومهّد الطريق لإرساء أسس مغرب مستقل، موحد، ومتطلع إلى مستقبل ناهض يضمن الرفاه لأبنائه.

  • إن استيعاب مسار النضال الوطني لا يكتمل دون التوقف عند المحطات المحورية، وعلى رأسها الزيارة التاريخية التي قام بها بطل التحرير، جلالة المغفور له الملك محمد الخامس، إلى مدينة طنجة في 9 أبريل 1947. كانت هذه الزيارة إعلاناً مدوياً وتأكيداً لا لبس فيه على تشبث المغرب، ملكاً وشعباً، بحرية ترابه ووحدته، وتمسكه بهويته ومقوماته الوطنية الأصيلة.

    انتقل الكفاح الوطني، بقيادة الحركة الوطنية منذ مطلع ثلاثينيات القرن الماضي، من المقاومة المسلحة إلى النضال السياسي المنظم. حيث انصب الجهد الوطني على نشر الوعي، وشحذ الهمم، وإذكاء روح المواطنة في صفوف كافة فئات المجتمع، بالتوازي مع التعريف بالقضية المغربية في المحافل الدولية. هذا المد التحرري، الذي كان متوافقاً ومتفاعلاً مع الرؤية الملكية لجلالة المغفور له محمد الخامس، أحدث أثراً بالغاً على الوجود الأجنبي، وفشل المستعمر في قمعه رغم الإجراءات التعسفية.

    وبلغت المقاومة أوجها بالرفض القاطع لقرار المستعمر بنفي رمز الأمة، جلالة المغفور له الملك محمد الخامس وأسرته الشريفة، في 20 غشت 1953. لقد كانت شرارة النفي هي ذاتها شرارة ثورة الملك والشعب، التي عمت انتفاضاتها العارمة المدن والقرى المغربية، لتؤكد أن حب الوطن والتمسك بالحرية لا ينكسر ولا يخضع. هذه الثورة تجسد اليوم مناسبة للأجيال الصاعدة لفهم عمق التضحيات التي بذلها الأجداد لاسترجاع الاستقلال.

    انتصرت الإرادة الوطنية على مخططات المستعمر في نهاية المطاف. ومع العودة المظفرة لجلالة المغفور له الملك محمد الخامس والأسرة الملكية في 18 نونبر 1955، أعلن جلالته عن انتهاء نظام الحماية الفرنسية وبزوغ فجر الحرية والاستقلال. كانت هذه اللحظة التاريخية بمثابة تتويج لمعركة “الجهاد الأصغر”، وبداية فورية لمعركة “الجهاد الأكبر” المتمثلة في بناء الدولة الوطنية المستقلة وإرساء أسس الوحدة الترابية.

    وعلى هذا النهج، سار جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، ليقود ببراعة مسيرة استكمال الوحدة الترابية التي توّجت باسترجاع سيدي إفني عام 1969، ثم الإنجاز التاريخي للمسيرة الخضراء التي استرجعت الأقاليم الجنوبية في 6 نونبر 1975، إلى جانب حرصه على بناء دولة المؤسسات والقانون.

    اليوم، يواصل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، ترسيخ مسيرة البناء والتحديث. يركز الورش الملكي الراهن على تعزيز الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، بما يكفل العيش الكريم لكل مواطن، ويرتقي بالمغرب إلى مصاف الدول التي تضع الإنسان محوراً لسياساتها التنموية.

    تشكل ذكرى عيد الاستقلال مناسبة حقيقية للتأمل في تاريخ المغرب الزاخر بالأمجاد والمواقف البطولية، وتجسيداً للقيم الوطنية السامية، إذ أن نضج الشعوب لا يكتمل إلا باستحضار تاريخها واستلهام العبر من محطاته. وهي، في جوهرها، قوة دفع متجددة نحو مواصلة مسيرة الجهاد الأكبر والحفاظ على المكتسبات الديمقراطية وحماية الوحدة الترابية للمملكة.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    المغرب يشارك في المؤتمر 47 لرؤساء البرلمانات الأفريقية في كينشاسا