بوح الأحد: ليالي النبوغ و التفوق المغربي من كرة القدم إلى الأمن …

بوح الأحد: ليالي النبوغ و التفوق المغربي من كرة القدم إلى الأمن …

A- A+
  • بوح الأحد: ليالي النبوغ و التفوق المغربي من كرة القدم إلى الأمن ، قرار مجلس الأمن حول غزة يعري تجار القضية الفلسطينية، عطاء حموشي لترسيخ مغرب الٱنتصارات لن ينضب و أشياء أخرى…

    أبو وائل الريفي

  • محطة أخرى توقف عندها هذا الأسبوع قطار الانتصارات، وهذه المرة كان الانتصار بطعم تفوق كروي قاري أعاد للمغاربة المجد الذهبي للكرة المغربية. كان حفل جوائز الكاف لسنة 2025 عنوانا لتميز مغربي تنظيما وتتويجا، وكان رسالة لكل المهتمين أن المغرب متفوق ويعدّ جيل متفوقين واتضح هذا في تتويج شابين هما “عثمان معما” كأفضل لاعب شاب و”ضحى المدني” كأفضل لاعبة شابة في إفريقيا، وعلى مستوى الكبار حصد المغرب جائزة أفضل لاعبة في افريقيا التي حازتها اللبوءة “غزلان الشباك” وأفضل حارس التي حازها الأسد بونو ومسك الختام كان تتويج لأشرف حكيمي بالكرة الذهبية التي أحرزها مغربي بعد 27 سنة من الانتظار.
    هو خامس تتويج مغربي بهذه الجائزة بعد الأساطير أحمد فرس (1975) ومحمد التيمومي (1985) وبادو الزاكي (1986) ومصطفى حجي (1998).
    بهذا التتويج نكون قد كسرنا صياما طويلا عن البوديوم الذهبي وستكتمل الفرحة أكثر إن اكتمل هذا النصر بتتويج بكأس الكاف الذي لم تعد تفصلنا عنه إلا أسابيع، وكل المؤشرات ترجح كفة أسود الأطلس الذين ارتقوا في التصنيف العالمي للفيفا وأصبحوا في المركز 11 عالميا.
    كأس الكاف مناسبة لكل المغاربة ليساهم كل من موقعه في تقديم نسخة غير مسبوقة لهذه الكأس على الأرض المغربية، وفرصة لتقديم صورة عن العشق المغربي لكرة القدم والإبداع في التعبير عن ذلك بطرق حضارية تزيد من الإقبال على المناسبة الأكبر وهي مونديال القرن. كل مغربي معني بأن يكون سفيرا لبلده من أي موقع سيكون مناسبة لتقديم صورة عن المغاربة والمغرب وتاريخه.
    هذا التتويج بحصد أغلب الجوائز القارية ليس إلا حصادا لسياسة ناجحة وتخطيط محكم وعمل راشد يشارك فيه كثيرون بروح وطنية وكفاءة تدبيرية تحت رعاية سامية لجلالة الملك وها هي تعطي ثمارها مناسبة بعد أخرى.
    عيد الاستقلال هذه السنة كان عند المغاربة بطعم خاص. في كل المنتديات العامة وحتى في الجلسات العائلية لا حديث إلا عن قرار مجلس الأمن الأخير حول الصحراء المغربية والاعتراف الأممي بسيادة المغرب على الصحراء وإقرار مجلس الأمن بأن أساس أي تفاوض ينبغي أن يكون في هذا الإطار وعلى قاعدة المبادرة المغربية للحكم الذاتي. بالنسبة لجيل واسع من المغاربة كان يعتبر هذ القرار بعيد المنال، ولذلك فهم يقدرون حجم الجهود التي بذلها المغرب لترسيخ هذا الواقع سياسيا ودبلوماسيا وميدانيا. بالنسبة لجيل آخر صار يعي أن المغرب في طريقه نحو التخلص من عائق ظل دوما يقف حائلا دون استكمال المغرب لوحدته الترابية والوطنية بعودة جزء من المغاربة لوطنهم وترابهم للمساهمة من موقع المواطنة الكاملة في تنميته والاستفادة من خيراته على قدم المساواة مع غيرهم.
    استبشار وتفاؤل شعبي غير مسبوق واقتناع بنجاعة التدبير المغربي لهذا النزاع وانتظار لانخراط إيجابي لنظام الجارة في هذا المسلسل لإزاحة ثقل من على كاهل الشعبين والدولتين يرهن مستقبل المنطقة كلها.
    “الدولة” من جهتها أثبتت مرة أخرى وفاءها لمنهجيتها التشاركية بتوسيعها هذا الأسبوع لدائرة المتشاور معهم لتشمل النقابات بعد الاجتماع الذي عقد مع المركزيات النقابية لوضعها في صورة المستجدات ومطالبتها بتقديم مقترحاتها، وهو ما يؤكد أن قضية الصحراء شأن مغربي عام يهم كل المؤسسات بمختلف توجهاتها، وهذه من أهم نقاط قوة المغرب في تدبيره لهذا الملف منذ عقود. صار المنتظم الدولي على وعي وثقة أن هذه قضية تهم كل المغاربة بمختلف اتجاهاتهم ولا مساومة بشأنها لأنها ترتبط بجزء من التراب الوطني.
    لم يعد أمام الانفصاليين بعد هذا القرار سوى القفز على كل المنطق و”استجداء” تضامن شكلي بأساليب الخداع كما حدث مع مراسل الجزيرة في غزة الذي وجد نفسه مجبرا على مشاهدة صور له مع “خرقة” بألوان مسروقة من العلم الفلسطيني بطريقة المحاكاة الكاذبة في سياقات تاريخية انتفت كل مسوغاتها اليوم. هل يمكن بأساليب النصب والاحتيال إيهام ساكنة المخيمات بأن هناك من لا يزال يؤمن بأطروحة الانفصال؟ ألا يعي أصحاب هذه الأساليب أنها قديمة وأكاذيبها لم تعد تنطلي على أحد؟ ألم يستحضروا أن حبل الكذب قصير وأن عاقبته تكون أسوأ؟
    يتضح اليوم أكثر من أي وقت مضى أن ساكنة المخيمات في وضع أقرب إلى “الاحتجاز” وأن حملة ممنهجة تخوضها قيادة الانفصاليين لإبقائهم في مخيمات تفتقد لأقل شروط العيش حفاظا على مصالح يستفيد منها هؤلاء فقط مثل المساعدات ومثل التغطية على وجود فئات لا علاقة لها بالصحراويين لأن هذه المخيمات أصبحت للأسف ملجأ لكل العناصر الإرهابية والإجرامية التي تتخذها قاعدة للاحتماء والإيواء والتدريب والتنظيم.
    الجارة التي ما تزال تحصي خسائرها بعد القرار، وبعد طول صمت لم تجد غير خرق كل المنطق لترد على اليد الممدودة من المغرب للحفاظ على ماء وجهها. نظام الجارة يستمر في إهانة الجزائريين بتقديم قراءات لا يقبلها الخيال ومحاولة فرضها على الشعب بوسائل التضليل التي تسمى “إعلاما” لم يعد لها من وظيفة سوى تسويق الوهم وتصوير قرار مجلس الأمن وكأنه نص شعري يحتمل التأويلات المتناقضة بينما صيغته قطعية الدلالة بأنها هي طرف في المشاورات والحل لن يكون خارج السيادة المغربية ومبادرة الحكم الذاتي المغربي هي أساس المفاوضات.
    آخر ما تفتقت عنه عبقرية عطاف وزير خارجية الجزائر هو تسمية قرار مجلس الأمن بالمبادرة الأمريكية، وهذا نوع من التضليل لأن المبادرة الأمريكية قد تنطبق على أول مسودة للقرار ولكنها خضعت بعد ذلك لمجموعة من التعديلات كانت الجزائر أحد المتقدمين بها وانتهى مسلسل التداول حول مشروع القرار بإقراره من طرف مجلس الأمن بأغلبية ساحقة مع تسجيل انسحاب الجزائر في تخلي واضح عن البوليساريو وخوف من مواجهة المنتظم الدولي واقتناع أن ما تدافع عنه لا دولة في المجلس تسايره أو مقتنعة به.
    اقتراح عطاف تولي الجزائر مهمة الوساطة مضحك ومثير للشفقة في الآن نفسه. الجزائر التي تصف الدولة المغربية ب “الاستعمارية”، وتحتضن الانفصاليين فوق ترابها، وتمولهم وتسلحهم وتتحايل من أجل منحهم مقاعد لها وباسمها ليكونوا حاضرين في المنتديات، وتصفها كل القرارات الأممية بالطرف في هذا النزاع، وتتشبث بإغلاق الحدود والأجواء مع المغرب، هذه الدولة هي نفسها التي تريد لعب دور الوساطة مع أنها تفتقد لأي صفة من صفات الحياد والموضوعية. هذا مقترح لا يصدر عن عاقل يعي ما يقول ويستوعب ما يقترح، ومعنى ذلك أنها في حالة شرود ووضعية ارتباك ومتأثرة بحالة العزلة التي تعيشها وتعي جيدا حجم الضغط الذي ستتعرض له من طرف مجلس الأمن في المرحلة القادمة وتستشعر الحرج تجاه شعبها وما يمكن أن يتسبب فيه تعنتها من ضرر للبلاد والعباد.
    كان المنتظر أن تقابل اليد الممدودة بمثلها ولكن نظام الجارة اختار اجترار لغة الماضي والبقاء سجين الاستفتاء المقبور لأنه غير واقعي، بل إن عطاف تجاوز كل الحدود ونصب نفسه ناطقا للبوليساريو وأجاب عوضها عن المغرب والأمم المتحدة بهذا الشأن. هذا اعتراف رسمي آخر بأن البوليساريو فاقدة للأهلية لتعبر عن رأي مستقل عن إرادة من يتحكم فيها.
    خرجة عطاف كانت بئيسة وتعكس الحالة النفسية التي عليها حكام الجارة وتبين أنهم لم يضمدوا بعد جرحهم وما زالوا أسرى مقاربة عتيقة لم تتأقلم بعد مع المتغيرات الدولية التي عرفها تدبير ملف الصحراء المغربية.
    المنتظم الدولي اليوم أمام وضع وصاية يفرضه نظام الجزائر على البوليساريو، وهو ما يؤكد بأن انسحابهم من جلسة التصويت إخلال بشرطي الحياد والموضوعية اللذان يجب أن يتوفرا في الأعضاء المختارين في مجلس الأمن. هذه كلها تصرفات تؤكد أنها جزء من هذا النزاع وطرف أصلي فيه وتتنصل تجنبا للحرج فقط ولكنها لا تحسن اختيار طرق هذا التنصل.
    حالة الارتباك بلغت أشدها عند الدبلوماسية المتعثرة لنظام الجارة مرة أخرى في مجلس الأمن. وهذه المرة في شأن لطالما ظل هذا النظام يدعي أنه مبدئي بشأنه، وهو الشأن الفلسطيني. التصويت الجزائري لصالح قرار مجلس الأمن بشأن غزة كان بمثابة الفضيحة بشأن كل الخطاب الدائم عن الانتماء لمحور الممانعة والدعم اللامشروط للفلسطينيين. قرار التصويت لم يعجب حتى إسلاميي العسكر لدرجة جعلت أحد أقطابه يستنكره ويصفه بأنه “قرار لتصفية القضية الفلسطينية، وهو هدية للاحتلال”، ويعترف بأن تصويت بلاده عليه “مؤشر آخر، وهو الأهم، بأن السلطة الجزائرية تتجه نحو تغيير مواقف الدولة المبدئية التاريخية في هذا الشأن مما يدعو المتمسكين بالحق الفلسطيني الكامل للحيطة والاستعداد لدعم القضية ضمن ظروف ستكون أصعب مما مضى. كما أن تصدر الجزائر للتعبير عن القرار في مجلس الأمن باسمها وباسم غيرها سيخلد في التاريخ بشكل غير مشرف”.
    ولأنه لا يحسن إلا توريط بلاده فقد ارتكب عطاف مرة أخرى خطيئة وهو يبرر تصويت بلاده على القرار -الذي يتعارض مع شعاراتها- حين وصف بيان مناشدة الفصائل الفلسطينية للجزائر بعدم التصويت على القرار بأنه بيان مجهول متنكرا لهذه الفصائل ومذكرا بأن مرجعية الجزائر هي السلطة الفلسطينية. أليس في هذا التصريح الواضح براءة من محور الممانعة؟ ألا يعني تخليا عن إيران وغيرها؟
    بررت الجزائر تصويتها على قرار مجلس الأمن بأنه نتيجة تشاور مع الدول العربية، وهذه مناسبة أخرى فضحت حقيقتها. لماذا لم تتشاور مع الدول -إن كانت تمثلها في مجلس الأمن- بشأن قرار هذا المجلس حول الصحراء المغربية؟ لماذا انفردت بالقرار ضدا على إرادة هذه الدول التي تجمع على مغربية الصحراء؟ ولماذا تهربت من تحمل مسؤولية التصويت وانسحبت بعد أن شاركت في كل مراحل ما قبل التصويت؟
    في هذا التبرير اعتراف ضمني أن هذه الدول العربية كانت محقة في تقديراتها ومقاربتها للوضع الفلسطيني ومحاولاتها وضع حد للحرب بطرق غير تصعيدية لم تزد الوضع إلا احتقانا ووحدهم الفلسطينيون دفعوا الثمن باهظا بينما الذين دفعوهم لذلك بقوا متفرجين على معاناتهم.
    قلت في بداية الحرب على غزة أن هذه الحرب ستكون فاضحة للمتاجرين بالقضية الفلسطينية، وقد تحقق ذلك على أكثر من صعيد ولأكثر من جهة. ومن آخر فضائح الجارة ما أقدم عليه السفير الأمريكي بباريس تشارل كوشنر -والد جاريد كوشنر وصهر الرئيس ترامب- الذي زار مسجد باريس وحظي باستقبال عميد المسجد. الزيارة لهذا المسجد المعروف بارتباطه بالجزائر لها أكثر من دلالة وتذكرنا بما قاله تبون منذ شهور – في حوار مع جريدة فرنسية- عن استعداد بلاده للتطبيع مع إسرائيل.
    العائق حتى الآن في وجه التطبيع ليس إرادة الجزائر ولكنها عدم ثقة الطرف الآخر في جدية ومصداقية نظامها، وعدم الشعور بأن في التطبيع معها حاجة ملحة لأنها لا وزن ولا تأثير لها في الساحة العربية والإسلامية أو ربما السبب رغبة إسرائيلية في مزيد من الإذلال لمن ظل يزايد بالتشبث بمحور الممانعة ونصرة المقاومة.
    تصويت الجزائر على قرار مجلس الأمن بشأن غزة ضد رغبة الفصائل الفلسطينية واستقبال أحد عرابي الاتفاقات الإبراهيمية والتودد للإدارة الأمريكية وإنكار العلاقة مع الفصائل الفلسطينية كلها إشارات يتردد نظام الجزائر في الوضوح بشأنها مع الشعب لأنه يعي أن ما تبقى من شعرة تربطه به ستقطع. أحد إسلاميي العسكر لم يفوت الفرصة كعادته واستنتج من هذا الاستقبال “هل هي إشارات لشيء ما يحدث لا نفهمه؟ هل يجب علينا أن نبدأ في التفكير في تأسيس منظمات مكافحة التطبيع؟”. لا بد من التأكيد بأن هذه ليست صحوة ضمير لدى القيادي الحمساوي الذي لطالما طبل للعسكر وسياساتهم ولكنها تصريف حسابات داخلية ورد فعل على التهميش الذي يعيشه بعدما تنكر له إخوانه والنظام على حد سواء لينضاف إلى طابور المستغنى عن خدماتهم رغم عدم بلوغهم سن التقاعد السياسي.
    المستغرب في هذا التصويت ليس القرار لأنه كان منتظرا وفي غير حاجة للصوت الجزائري، وهو نتيجة لما تعرفه الحرب على غزة منذ وقف إطلاق النار الهش والقابل للانهيار في أي لحظة بسبب تهور متوقع في أي لحظة من كل الأطراف وعدم قيام المنتظم الدولي بما يجب عليه لحماية الفلسطينيين، ولكن المستغرب له هو حالة الصمت غير المبرر من طرف تجار القضية الفلسطينية من “الجبهويين” و”القومجيين” و”الإسلامويين” الذين لم نسمع لهم صوتا يستنكر هذا التصويت. لنتصور لو أن دولة أخرى كانت مكان الجزائر. كيف سيكون رد فعلهم؟
    هذا مثال فقط يكشف حقيقة هؤلاء جميعا، وكيف يوظفون مأساة الغزاويين لخدمة أجنداتهم ويركبون على معاناتهم بشكل غير إنساني لتحقيق مصالحهم.
    آخر فضيحة تفجرت هي استغلال الوضع الإنساني الكارثي للفلسطينيين لجمع تبرعات اتضح أنها لم تصل إلى مستحقيها. يتعلق الأمر بما يفوق نصف المليار دولار جمعتها تنظيمات مقربة من حماس وكانت تحظى بتزكيتها وتزكية اتحاد علماء الإخوان الكائن في الدوحة إلى أن طفح الكيل فاضطرت حماس لإصدار بيان براءة بعنوان “رفع الغطاء عن مؤسسات وأشخاص” كانوا وسط الحركة قبل أن يؤسسوا تنظيما موازيا لها، ومنهم مؤسسة “وقف الأمة” و”مؤسسة منبر الأقصى” و”كلنا مريم”.
    أليس هذا اتجار بمأساة الغزاويين؟ ألا يتطلب الأمر فتح تحقيقات بشأن هذه الأموال؟ ألا تتطلب العدالة والإنسانية متابعة هؤلاء المتورطين في دول إقامتهم؟
    هذه فضيحة أخرى تكشف الوجه الآخر لحقيقة بعض المنتسبين للمقاومة والذين لا هم لهم إلا استنزاف جيوب الشعوب من أجل الزيادة في رفاهيتهم. وهذه مناسبة أخرى للمغاربة للحذر بشأن من يدعون خدمة القضية الفلسطينية ويجمعون تبرعات خارج القانون وخارج دائرة أي مراقبة.
    ألا يتطلب هذا الملف تنبيه المغاربة من طرف من يدعون الدفاع عن فلسطين؟ ألا يستلزم منهم مطالبة فصائل المقاومة، وحماس حصرا، بالجواب عن مآل هذه الأموال التي اقتطعها أناس من حاجياتهم وآثروا بها إخوانهم في غزة فإذا بها تنتهي في جيوب مرتزقة يصرفونها في ما لذ وطاب من حياة الرفاه في عواصم التسوق والسياحة؟
    ليست هذه أول فضيحة ولن تكون الأخيرة، ولكنها مناسبة لدق ناقوس الحذر. على المغاربة الوعي بهذه التجارة وفضح هؤلاء التجار والامتناع عن تقديم أموال إلا عبر جهات موثوقة وفي ظل شفافية طيلة كل المراحل.
    مقابل التستر عن فضيحة الجار وعن التلاعب بالتبرعات لا “يبرع” طوابرية القضية الفلسطينية من المغاربة إلا في ترويج الشائعات ضد المغرب والإصرار على ذلك رغم علمهم اليقيني بأن ما يروجونه غير صحيح والسبب هو الرغبة في تسخين الأجواء و”استغفال” الأتباع للمحطة القادمة والتي يعرفون أن التجاوب معها سيكون قليلا نهاية نونبر.
    الكذبة الجديدة هي مصنع لإنتاج طائرات إسرائيلية مسيرة ببنسليمان. وكالعادة ودون أن يكلف أحد من مروجي الأراجيف نفسه للتأكد من صحة الشائعة يسرح بخياله المريض نحو استنتاجات لا أساس لها بشأن التعاون العسكري والتمادي في التطبيع، ولا بأس طبعا لمزيد من “الاستغفال” للرأي العام إضافة توابل جاهزة وبدون دليل عن أسماء شركات ومبالغ صفقات لا توجد أي أدلة عنها.
    هل بإمكان أي شخص من هؤلاء المدعين نشر وثيقة واحدة عن هذا المصنع؟ هل يستطيع أي شخص أن يحدد مكانه في مدينة صغيرة بحجم بنسليمان؟ هل يمكن التستر على خبر بهذا الحجم؟
    كثيرة هي الأسئلة ولكن لا من مجيب عنها لأن أساسها شائعات مغرضة تريد التشويش على انتصارات المغرب ونسب انتصاره الميداني في صحرائه إلى جهات أجنبية للتنقيص من كفاءة قواتنا المسلحة.
    تعرف بنسليمان مشاريع كبرى مهيكلة وهي تستعد للمونديال ببناء ملعب بمواصفات عالمية، وإعادة تهيئة المطار، وتشييد سكة القطار فائق السرعة. هي مشاريع ستضع المدينة ومحيطها في سكة تنموية أخرى. هذه هي الحقيقة وغيرها ليس إلا إشاعات وها هو التحدي مرفوع في وجه كل من يروج لمثل هذه الادعاءات ليبرز دليلا أو يشهر وثيقة أو يعاين المنطقة وينشر صورة لأي شيء يعزز ما يفتريه على المغرب من بهتان. ونحن في الانتظار.
    صناعة الأراجيف و ترويج الأكاذيب أصبحت مهنة عينة من المكلفين بمهمة لدى الأوساط التي تغيضها نجاحات المغرب و كبار مسؤوليه كفرية فيلا إيفران التي لم تصمد لدقائق، و حكاية اليخت صاحب المليار و نصف الذي أهدي إلى أحد كبار رجالات الدولة و المغرب و فرية نزول زوجة نفس المسؤول في فندق بباريس التي لم تزرها طوال حياتها. إنها صناعة الأراجيف التي تحاول أن تشوش على مساهمة الكبار في صناعة مغرب الإنتصارات.
    هي حالة إفلاس أخلاقي وصل بها الطوابرية الحضيض. وهذه كذلك من مؤشرات النهاية ونحن على أبواب آخر السنة التي ستكون نهاية فصل آخر من فضائح الطوابرية الذين لا تزيدهم الأحداث والسنوات إلا عزلة وفضائح.
    ما يزال عبد اللطيف حموشي يساهم من موقعه في صناعة مغرب الانتصارات. وها هو المغرب في بداية هذا الأسبوع سيكون قبلة عالمية لكل المؤسسات الأمنية التي ستحتضنها مراكش في الدورة 93 للجمعية العامة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية “الإنتربول”.
    يحتضن المغرب هذه المناسبة ولم يمر أسبوع على تتويج حموشي بالقلادة الكبرى للحرس المدني الإسباني، ولذلك كان هذا التتويج مناسبة لتهنئته من طرف رئيس الإنتربول بعبارات لها أكثر من دلالة من شخصية في هذا الحجم “فوز الأخ حموشي بهذا الوسام يعكس الجهود الاستثنائية التي يقوم بها لتطوير الأمن الوطني بالمملكة المغربية، التي ساهمت بتعزيز صورة المغرب كشريك موثوق وفاعل في دعم وتعزيز العمل الأمني على الصعيد الدولي”. وتهنئة أخرى مماثلة من طرف الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب.
    ولأنه لا يعرف غير العمل في صمت وعلى أكثر من واجهة، فقد كانت ذكرى عيد الاستقلال مناسبة لتفعيل أحد أهم واجهات تحديث المنظومة الأمنية وهي الاهتمام بالعنصر البشري وأنسنة الوظيفة الشرطية.
    حفل التميز السنوي الذي نظمته مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية لموظفي الأمن الوطني بمسرح محمد الخامس بمدينة الرباط كان بمثابة شهادة عرفان واعتراف وتقدير لكل الموارد البشرية. وحرص حموشي على حضوره مصحوبا بأهم أطر المديريتين رسالة لكل عناصر هذه المؤسسة وذويهم.
    تكريم المتقاعدين كبار السن ممن أطال الله في أعمارهم كان لحظة إنسانية جسدت كل معاني الوفاء والتأثر التي كانت ترتسم على ملامح الحاضرين وهي أفضل وسام يورثونه لأبنائهم وأحفادهم. والاحتفال بأبناء وبنات يتامى هذه المؤسسة شهادة أخرى على أن هذه المؤسسة تشتغل بمنطق الأسرة التي تحكم الرابطة بينها وشائج إنسانية تعضد الرابطة المهنية. والاهتمام بمسارهم الدراسي ورعايته ومكافأة المتفوقين هي أفضل هدية لأولياء أمورهم الذين ماتوا وهم في خدمة أمن واستقرار المغرب.
    هذا جانب إنساني لا تخفى قيمته في تدبير المؤسسة الأمنية، ومنحه الأولوية يعطي صورة عن أسلوب تدبير حموشي والسر وراء نجاحه لأن حرصه على المردودية المهنية لا يقل عنه حرص أكبر على العمل بمقاربة تدبيرية إنسانية مع كل أعضاء هذه المؤسسة.
    لم يعد مستغربا أن يجتهد بعض من تصيبه هذه النجاحات بالإحباط في البحث عن طرق لتبخيسها ولكن كل ما يجدونه أمامهم سيل من الشائعات لا تنال من قيمة الرجل ومصداقيته ونزاهته وحب المغاربة له وتقدير العالم لكفاءته وخبرته.
    قطار الانتصارات شق طريقه ولن توقفه عقبات أو إكراهات لأن صناع الانتصارات في المغرب كثر ويشتغلون برؤية واحدة وقيادة واحدة وطريقهم واحدة ولن يتوقف حتى يصل المحطة النهائية التي هي المكانة التي تليق بالمغرب والمغاربة في هذا العالم.
    هي حكاية قوة صاعدة تتكاثف جهود الجميع من أجل صناعتها، وسيشعر بالغبن كل من تخلف عن المساهمة في هذه المهمة العظيمة والجليلة.
    موعدنا بوح قادم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    تنبيه أمني: شركة أفريقيا تحذر من محاولة احتيال عبر انتحال هويتها