أكاديمية محمد السادس لكرة القدم: من الرؤية الملكية إلى المجد العالمي..
أكاديمية محمد السادس لكرة القدم: من الرؤية الملكية إلى المجد العالمي.. مصنع الأبطال يجسد نهضة الكرة المغربية
شوف تيفي
طارق عطا
لم تعد أكاديمية محمد السادس لكرة القدم مجرد مركز للتدريب، بل تحولت إلى قلب نابض للسردية الرياضية المتميزة للمغرب، مجسدة رؤية ملكية بعيدة المدى وضعت التكوين حجر الزاوية لبناء مستقبل مشرق للكرة الوطنية. فمنذ تأسيسها بتوجيهات سامية من جلالة الملك محمد السادس، انتقل المشروع من فكرة طموحة إلى قاطرة حقيقية لكرة مغربية عصرية، لتكون مختبراً وطنياً لإعداد جيل جديد من الرياضيين المتشبعين بالاحترافية العالمية والقيم الوطنية الأصيلة.
إن ما حققته الأكاديمية هو نموذج مغربي فريد في الإدارة الرياضية الحديثة، يقوم على منهجية علمية متكاملة لا تكتفي بالتكوين التقني، بل تشمل التأطير النفسي والمتابعة الأكاديمية الصارمة. كل مرحلة في مسار اللاعب تخضع لتقييم وتقويم ودعم مستمر، مما يجعل الأكاديمية بيئة مثالية لاكتشاف وصقل المواهب. هذا النجاح ليس وليد الصدفة، بل هو دليل على أن التفوق الرياضي يصنع بالإدارة الذكية والتكوين العلمي الدقيق، مدعوماً ببنيات تحتية متطورة وطاقم تقني مؤهل جعل منها مدرسة مرجعية على الصعيدين الإفريقي والدولي.
وتعتبر المزاوجة بين التعليم والتكوين الرياضي من الخصوصيات الجوهرية للأكاديمية. فالفلسفة التربوية التي تتبناها لا تفصل بين الذكاء العقلي واللياقة البدنية والنضج الأخلاقي، بل تعمل على تكوين “الإنسان المواطن”. هذا النموذج التربوي يعكس الرؤية الملكية التي تضع التعليم في صلب كل مشروع تنموي، لتربي في الأجيال قيم المثابرة والاحترام والانضباط. خريجو الأكاديمية، بذلك، يصبحون أكثر استعداداً لمواجهة متطلبات الاحتراف والانفتاح العالمي، فهم سفراء المغرب الجدد في ملاعب العالم.
فبعد سنوات قليلة، تحولت أكاديمية محمد السادس إلى مرجع قاري ودولي في تكوين المواهب الشابة، وتنظر إليها اليوم العديد من المنتخبات العالمية كنموذج يحتذى. ولم يعد دورها مقتصراً على صناعة الأبطال، بل أصبحت أداة دبلوماسية رياضية ناعمة، تعزز صورة المغرب كقوة رياضية صاعدة ومركز إقليمي للتميز. الدليل الأبرز على نجاعة هذا المشروع تمثل في الإنجازات العالمية، لاسيما تألق أبطال كأس العالم لأقل من 20 سنة، الذين تخرج معظمهم من هذه المؤسسة، ليحملوا معهم قيمها إلى الميادين العالمية، و ليؤكدوا أن المغرب يملك نموذجاً قادراً على منافسة كبريات المدارس الكروية العالمية.
الأكاديمية ليست مشروعاً ظرفياً، بل رؤية استراتيجية مستدامة، تهدف إلى خلق خزان متجدد من اللاعبين عبر الأجيال، مما يضمن استمرارية النجاح للكرة الوطنية، و بفضل منهجيتها في التتبع، صارت رافعة دائمة للمنتخبات الوطنية في مختلف الفئات العمرية. وهي أيضاً مدرسة لغرس القيم المغربية الأصيلة: حب الوطن، العمل الجماعي، والإصرار. إن منطق الأكاديمية يركز على بناء “الإنسان الذي يصنع الألقاب”، وليس فقط حصدها السريع. ولذلك، في كل نجاح كروي مغربي اليوم، تظل بصمة أكاديمية محمد السادس حاضرة بقوة، لأنها لم تُبنَ لصناعة النتائج اللحظية، بل لصناعة المستقبل المستدام.
المصدر: شوف تي في