الحركة التصحيحية تقصف أوزين“مول الكراطة”وتفتح ملفات التدبير داخل الحركة الشعبية

الحركة التصحيحية تقصف أوزين“مول الكراطة”وتفتح ملفات التدبير داخل الحركة الشعبية

A- A+
  • يشكل العمل الحزبي أحد الأعمدة الأساسية للديمقراطية التمثيلية، غير أن الممارسة السياسية بالمغرب، وفق عدد من الفاعلين والمتابعين، باتت تعاني من أعطاب بنيوية متراكمة، تتجلى في ضعف التأطير السياسي، وتراجع الديمقراطية الداخلية، وهيمنة منطق التحكم والزعامة الفردية على حساب العمل الجماعي والمؤسساتي. وتبرز الأزمة التي يعيشها حزب الحركة الشعبية خلال المرحلة الراهنة كواحدة من أبرز تجليات هذا الواقع المأزوم.

    تعيش الحركة الشعبية واحدة من أدق مراحلها التنظيمية والسياسية، في ظل تصاعد الخلافات الداخلية واتهامات ثقيلة موجهة إلى طريقة تدبير الحزب من طرف قيادته الحالية، سواء على المستوى التنظيمي أو المالي. وفي هذا السياق، قال محمد العليوي، عضو المجلس الوطني لحزب الحركة الشعبية عن جهة الشرق ومنسق الحركة التصحيحية داخل الحزب، إن “الحركة الشعبية تمر بمرحلة غير مسبوقة من الاحتقان الداخلي”، مشيرًا إلى أن عددا كبيرا من المناضلين يشعرون بأن الحزب “انحرف عن مساره الديمقراطي، وأصبح يُدار بمنطق فردي بعيد عن روح التعددية والمؤسسات”.

  • وأضاف العليوي أن الخطاب السياسي الذي ترفعه القيادة الحالية “لا ينسجم مع الممارسة الواقعية داخل الحزب”، موضحًا أن الحديث عن الديمقراطية الداخلية يبقى، في نظره، “مجرد شعار لا يجد طريقه إلى التطبيق”، في ظل تغييب آليات المحاسبة، وتهميش دور المجلس الوطني والمكتب السياسي، وتحويل عدد من القرارات المصيرية إلى اختيارات فردية لا تخضع للنقاش أو التداول.

    ولا تنفصل هذه الانتقادات، بحسب المتحدث نفسه، عن المسار السياسي للأمين العام، حيث يتم التذكير بفضيحة “الكراطة” التي أدت في وقت سابق إلى إعفائه من مهامه الحكومية، قبل أن تتبعها، حسب تعبيره، “اختلالات تنظيمية أخطر داخل الحزب”، من بينها التلاعب بالقوانين الداخلية وتعديلها بما يخدم طموحات شخصية، خاصة فيما يتعلق بشروط الترشح لمنصب الأمانة العامة، وهو ما أدى إلى إقصاء عدد من المنافسين وتقويض مبدأ التعددية الذي يفترض أن يقوم عليه الحزب.

    كما طالت الانتقادات أسلوب القيادة الحالية في تدبير الاختلاف، سواء داخل الحزب أو في الفضاء العمومي. وفي هذا الصدد، أكد عادل الحوداني، مؤسس الحركة التصحيحية والكاتب الإقليمي لحزب الحركة الشعبية بأكادير، أن ما يطبع المرحلة الحالية هو “خطاب تصادمي وممارسة سلطوية لا تساعد على احتواء الخلافات، بل تزيد من تعقيدها”. وأوضح أن الطريقة التي يُدبر بها النقاش داخل الحزب “تخلق مناخًا من التوتر والخوف، وتدفع بعدد من الكفاءات إلى الصمت أو المغادرة”.

    وأشار الحوداني إلى أن هذا الأسلوب ينعكس أيضًا في التعاطي مع الملفات السياسية الكبرى، حيث تُتخذ قرارات مصيرية دون الرجوع إلى المؤسسات الحزبية المختصة، مستشهدًا بملف ملتمس العفو المتعلق بمعتقلي حراك الريف، والذي تم الإعلان عنه، حسب قوله، “دون علم غالبية أعضاء المكتب السياسي”، وهو ما اعتُبر تجاوزًا خطيرًا للمساطر الداخلية واستخفافًا بالمؤسسات المنتخبة داخل الحزب.

    وعلى المستوى التنظيمي، قال محمد العليوي إن الحزب يعرف “جمودًا شبه تام” على مستوى التنظيمات الجهوية، رغم مرور أكثر من عشر سنوات على إقرار الجهوية المتقدمة، في خرق واضح لمقتضيات القانون التنظيمي للأحزاب السياسية. واعتبر أن هذا الوضع لا يمكن فصله عن “رغبة واضحة في الإبقاء على التحكم المركزي، وتفادي بروز تنظيمات جهوية قوية قادرة على مساءلة القيادة ومراقبة قراراتها”.

    وأضاف أن غموض القاعدة الانتخابية، وعدم نشر لوائح أعضاء المجلس الوطني، يطرح أكثر من علامة استفهام حول شفافية التدبير الداخلي، ويجعل الحديث عن الديمقراطية الداخلية، حسب تعبيره، “مجرد خطاب للاستهلاك، في ظل حزب بلا ملامح تنظيمية واضحة ولا قواعد مضبوطة”.

    أما الجانب المالي، فيُعد، وفق الحركة التصحيحية، أخطر مظاهر الأزمة. وفي هذا الإطار، شدد عادل الحوداني على أن تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2023 كشف عن “اختلالات خطيرة ومقلقة” في تدبير مالية الحزب، من بينها عدم إرجاع مبالغ مهمة من الدعم العمومي، قُدرت بأزيد من 540 مليون سنتيم، لم يُسترجع منها سوى جزء محدود. وأضاف أن التقرير رصد أيضًا صرف أجور وتعويضات لفائدة أشخاص لا تربطهم بالحزب أي علاقة قانونية واضحة، ما يطرح تساؤلات جدية حول احترام القانون وتدبير المال العام.

    وأوضح الحوداني أن هذه المعطيات “لا يمكن التعامل معها بمنطق الصمت أو التجاهل”، داعيًا إلى تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتطبيق القانون على الجميع دون انتقائية، حفاظًا على مصداقية العمل الحزبي وثقة المواطنين.

    وفي السياق ذاته، أثار المتحدثان مسألة استعمال اسمين مختلفين في بعض الوثائق والمراسلات الرسمية، معتبرين أن هذا الأمر يطرح إشكالات قانونية ويغذي الشكوك حول الشفافية، إضافة إلى استغلال رمزية تاريخية ارتبطت بقيادات سابقة للحزب، دون امتلاك نفس الرصيد النضالي أو السياسي، وهو ما اعتبروه إساءة لتاريخ الحزب وقيمه.

    ويرى قادة الحركة التصحيحية أن أزمة الحركة الشعبية ليست حالة معزولة، بل تعكس وضعًا عامًا تعيشه عدد من الأحزاب السياسية، حيث تُفرغ الديمقراطية الداخلية من مضمونها، وتُختزل التنظيمات في أشخاص، وتتحول التزكيات الانتخابية إلى أدوات للضبط والريع بدل التأطير والمشاركة السياسية. وقد انعكس هذا الوضع، حسب قولهم، بشكل مباشر على علاقة الشباب بالأحزاب، في ظل غياب التكوين، وهيمنة الزعامات، وتحول التنظيمات إلى هياكل مغلقة لا تستوعب الطاقات الجديدة.

    وختم عادل الحوداني بالتأكيد على أن الحركة التصحيحية داخل الحركة الشعبية “لا تستهدف الهدم أو التصفية”، بل تسعى إلى إنقاذ حزب عريق من الانهيار، وإعادة الاعتبار للعمل الحزبي النزيه، وبناء تنظيم ديمقراطي يحترم القانون ويستجيب لتطلعات المناضلين والمواطنين، ويكون في مستوى الأوراش الكبرى التي يشهدها المغرب.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    جون أفريك: الرباط تجني ثمار خطة استثمارية غير مسبوقة في كرة القدم