بين الادعاءات والحقيقة: المغرب يبرهن على جاهزية ملاعبه وكفاءتها
في خضم التغطية الإعلامية المكثفة لمنافسات كأس إفريقيا للأمم بالمغرب، أثارت تصريحات صحافي تونسي جدلًا واسعًا بعدما تحدث عن “سوء التنظيم”، وادعى انقطاع التيار الكهربائي، وضيق الملاعب وعدم جاهزيتها، في خطاب اعتبره متابعون محاولة لترويج صورة سلبية عن المغرب، بعيدًا عن واقع ما يجري داخل الملاعب. في المقابل، جاءت شهادات ميدانية لصحافيين آخرين، من بينهم صحافي جزائري مخضرم، لتكشف تناقض هذه الروايات وتعيد النقاش إلى مربع المهنية الإعلامية والمسؤولية الأخلاقية في نقل المعلومة.
من قلب ملعب مولاي الحسن بحي النهضة بالرباط، وبينما كانت مباراة الجزائر والسودان جارية في أجواء حماسية، خرجت أصوات من المركز الإعلامي (السنتر ميديا) لتفند بشكل قاطع ما تم تداوله من مزاعم حول انقطاع الكهرباء وسوء التنظيم خلال مباريات كأس إفريقيا للأمم. وأكد عدد من الصحافيين الحاضرين بعين المكان أن الأجواء داخل الملعب كانت طبيعية ومنظمة، ولم يُسجل أي انقطاع في التيار الكهربائي أو خلل تقني يؤثر على سير المباريات أو على عمل الإعلاميين.
وأوضح المتدخلون أن التساقطات المطرية الغزيرة التي رافقت بعض المباريات لم تنعكس سلبًا على التنظيم، بل منحت اللقاءات طابعًا خاصًا زاد من حماس الجماهير، دون أن تمس بجودة الإضاءة أو الجوانب اللوجستية، سواء داخل الملعب أو في محيطه.
وفي هذا السياق، قدّم الصحافي الجزائري خالد، الذي راكم تجربة طويلة في تغطية التظاهرات الرياضية الكبرى وزار أكثر من 40 دولة، شهادة قوية حول مستوى التنظيم بالمغرب، مؤكدًا أن ما شاهده لا يدعو إلى الاستغراب. وأبرز أن المغرب أثبت في مناسبات عديدة قدرته على تنظيم تظاهرات كبرى بمعايير تضاهي البطولات الأوروبية، مشيرًا إلى جودة البنية التحتية، وتجهيز الملاعب، وحضور جماهيري عائلي ومنظم يعكس نضج التجربة التنظيمية المغربية.
وبخصوص الجدل الذي أثير عقب مباراة المنتخب التونسي، شدد خالد على أنه كان حاضرًا بالملعب ولم يلاحظ أي انقطاع للتيار الكهربائي، معتبرًا أن ما تم ترويجه لا يعكس الواقع، خاصة في ظل وجود آلاف المشجعين والإعلاميين الذين كانوا يوثقون الأجواء مباشرة عبر البث الحي ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يجعل من السهل دحض أي ادعاء غير دقيق.
من جهتها، أكدت الصحافية فدوى، التي راكمت سنوات من العمل مع قناة أجنبية، أن الأجواء داخل الملعب كانت إيجابية وحماسية، وأن الحديث عن انقطاع الضوء لا أساس له من الصحة. وشددت على أن دور الصحافي يقتضي نقل الحقيقة كما هي، دون تهويل أو اختلاق، لأن مصداقية الإعلامي أصبحت اليوم على المحك في عصر المعلومة المفتوحة والبث المباشر.
وأجمع المتدخلون على أن التنظيم المحكم الذي تشهده كأس إفريقيا بالمغرب هو ثمرة مجهودات كبيرة تبذلها كفاءات مغربية وجنود خفاء يسهرون على أدق التفاصيل، سواء تعلق الأمر بالأمن، الإضاءة، الخدمات اللوجستية، أو توفير ظروف اشتغال ملائمة للإعلاميين.
وتبقى هذه الشهادات الميدانية رسالة واضحة مفادها أن تقييم التظاهرات الكبرى يجب أن يُبنى على المعاينة الموضوعية لا على الانطباعات المسبقة أو الخلفيات المسبقة، وأن نقل المعلومة يظل مسؤولية أخلاقية قبل أن يكون ممارسة مهنية، احترامًا للحقيقة ولمجهودات آلاف العاملين على إنجاح مثل هذه التظاهرات القارية.