حصيلة النيابة العامة سنة2024: تحديث هيكلي ورقمنة ومسار متقدم
رئيس النيابة العامة يقدم تقرير 2024: تحديث هيكلي ورقمنة ومسار متقدم للنيابات العامة بالمغربشوف تيفي
قدم هشام بلاوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورئيس النيابة العامة، تقرير رئاسة النيابة العامة السنوي لعام 2024 خلال جلسة رسمية حضرها كل من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وسيط المملكة، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ورئيس الغرفة الأولى بمحكمة النقض، إلى جانب أعضاء المجلس وأمين المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
ويأتي هذا العرض تنفيذًا للمادة 110 من القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، التي تكلف رئيس النيابة العامة بإعداد تقرير سنوي عن سير النيابات العامة وتطبيق السياسة الجنائية. وأكد بلاوي أن إعداد التقرير يعكس الالتزام بالشفافية ومبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ضمن الإطار الدستوري والقانوني.ومنذ تولي رئاسة النيابة العامة الإشراف على النيابات في أكتوبر 2017، أصبح إعداد تقرير سنوي ممارسة مؤسساتية منتظمة، تهدف إلى توثيق أداء النيابات العامة، رصد مؤشرات العمل، التعرف على الإكراهات العملية، واقتراح سبل تطوير الأداء. ويعد تقرير 2024 التقرير الثامن ضمن هذا السياق التراكمي، مقدماً صورة واضحة عن سير النيابات العامة ومؤشرات تنفيذ السياسة الجنائية معتمدًا على بيانات إحصائية وتحليلات موضوعية.
وشهدت سنة 2024 مراحل مهمة في تحديث البنية الهيكلية والتحول الرقمي، حيث أُحدث قطب جديد باسم “قطب التحديث ونظم المعلومات”، مكلف بوضع التصور العام للتحول الرقمي وتنفيذ استراتيجية الرئاسة الرقمية وفق مشروع “المغرب الرقمي 2030”. وأصبح هيكل رئاسة النيابة العامة يضم الآن ستة أقطاب، سبع عشرة شعبة، وثلاث وستين وحدة، إلى جانب الديوان والكتابة العامة.
وتركزت جهود الرئاسة على الرقمنة لتحسين أساليب العمل القضائي والإداري، بما يشمل اعتماد التوقيع الإلكتروني، تطوير تطبيقات متابعة ملفات الإكراه البدني وأوامر الإيداع، إنشاء لوحات قيادة ذكية لتتبع القضايا، وتعزيز البنية المعلوماتية وأمنها السيبراني.
كما أصدرت الرئاسة 19 دورية خلال العام تناولت موضوعات متعددة، من بينها تنفيذ العقوبات البديلة، تعزيز التعاون القضائي الدولي، وتطوير تدبير العمل الداخلي للنيابات، بما ساهم في توحيد الممارسات المهنية وإرساء مرجعية عمل واضحة للقضاة.
وعلى المستوى التشريعي، أسهمت رئاسة النيابة العامة في مسار إصلاح منظومة العدالة من خلال تقديم ملاحظات على مشاريع القوانين والمراسيم، مثل مدونة التجارة المحينة، قانون التراجمة المحلفين، ومرسوم هيكلة المحاكم، بهدف تحسين الصياغة وضمان انسجام النصوص مع الدستور والتحول الرقمي.
وفي سياق التعاون القضائي والإداري، واصلت النيابات العامة تنسيقها مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزارة العدل، كما عززت التعاون مع الأمن الوطني والدرك الملكي في إعداد دليل لتجويد الأبحاث الجنائية وتطوير آليات التبادل الإلكتروني للبيانات.
وعلى صعيد الأداء، بلغ عدد قضاة النيابة العامة 1223 قاضياً في مختلف المحاكم، بزيادة 12.5% عن العام السابق، فيما بقي المعدل الوطني ثلاثة قضاة لكل 100 ألف نسمة، وهو معدل منخفض مقارنة بالمعدل الأوروبي. وتمت معالجة 497.052 شكاية، بنسبة إنجاز 104% من المسجل و88% من الرائج، فيما بلغ مجموع المحاضر المنجزة 2.303.029 محضراً من أصل 2.423.119، بنسبة إنجاز تقارب 95%.
وسجل التقرير أيضًا معالجة 664.637 شخصًا قُدموا أمام النيابة العامة، حيث وُضع 94.293 منهم تحت الاعتقال (14.19%)، فيما تم حفظ 26.357 محضراً، وتطبيق آليات بديلة مثل المتابعة بكفالة مالية (46.309 حالة) والصلح (15.862 حالة).
أما في مجال التحقيق الإعدادي، فقدمت النيابات 31.025 ملتمسًا بإجراء التحقيق و122.682 متابعة للمساطر الجارية، مع حضور 69.450 جلسة زجرية على الصعيد الوطني، إلى جانب 115.942 طعناً موزعة بين الاستئناف والنقض.
وفي الميدان المدني والأسري، أنجزت النيابات 1.051.631 إجراءً شمل قضايا الأسرة، الأطفال المهملين، الجنسية والحالة المدنية، إضافة إلى المصادقة على 532.005 وثيقة عمومية عبر شكلية Apostille. كما تمت معالجة عدد مهم من الطلبات في إطار التعاون القضائي الدولي والإنابات القضائية.
وعلى مستوى التدبير الإداري والتنفيذ الزجري، تمت معالجة 1.227.038 مراسلة إدارية و473.973 إجراءً زجريًا، إضافة إلى متابعة تنفيذ الأحكام ورد المحجوزات. بلغ مجموع الإجراءات السنوية 7.940.098 إجراءً، بمعدل يفوق 28 إجراءً يوميًا لكل قاضٍ.وبخصوص السياسة الجنائية، تميزت النيابات باليقظة تجاه انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك العنف والتعذيب، مع تنفيذ آلاف الزيارات لأماكن الاحتجاز، وتسجيل أدنى نسبة للاعتقال الاحتياطي خلال العقد الأخير (31.79%). وركزت الجهود على حماية الفئات الهشة، حيث انخفضت قضايا العنف ضد النساء وارتفعت قضايا العنف ضد الأطفال والاتجار بالبشر، مع تعزيز التدابير الوقائية.
وفي مجال مكافحة الفساد، تلقى الخط المباشر للتبليغ عن الرشوة آلاف البلاغات، أسفرت عن ضبط المتورطين وإحالتهم على القضاء. كما واصلت النيابات ملاحقة مختلف أشكال الجريمة، بما في ذلك الجرائم ضد الأشخاص والأموال، التزوير، الإرهاب، وحماية الأمن والنظام العام.
واختتم التقرير بمجموعة توصيات عملية لتعزيز الموارد البشرية، تطوير البنيات التقنية واللوجستيكية، تسريع الإصلاح التشريعي، توسيع الرقمنة، تعزيز حماية الطفولة والفئات الهشة، ووضع إطار قانوني للتعامل مع العملات الرقمية.
وفي الختام، جدد رئيس النيابة العامة التزام مؤسسته بالدفاع عن الحق العام، صون النظام العام، وترسيخ دولة القانون، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بما يعزز ثقة المواطنين في العدالة ويكرس سيادة القانون.
النيابة العامة، المغرب، تقرير سنوي 2024، تحديث هيكلي، التحول الرقمي، السياسة الجنائية،