عن القرب الإعلامي…شوف تيفي والحق في التغطية المسؤولة رغم حملة التحريض

عن القرب الإعلامي…شوف تيفي والحق في التغطية المسؤولة رغم حملة التحريض

A- A+
  • عن القرب الإعلامي…شوف تيفي والحق في التغطية المسؤولة رغم حملة التحريض

     

  • برز في الآونة الأخيرة، هجومٌ منسق ومُتكرّر ضدّ «شوف تيفي»، هجومٌ تصدره أصواتٌ تبحث عن بوزٍ سريع أو نجاحٍ زائف، أو تختبىء خلف نقد سطحي لتثير الجدل. في مقابل ذلك، يقف جمهور واسع يحتضن القناة ويعتبرها علامةً إعلاميةً مبنية على قربٍ دائم من قضايا الناس: الصحة، التعليم والشغل… هذا الاحتضان ليس مجرّد صدفة بل نتاجُ سنواتٍ من تغطيةٍ متواصلة لهموم المجتمع المغربي. فمنذ ولادتها، تبنّت «شوف تيفي» خطًّا تحريرياً واضحاً: متابعة قضايا المواطن اليومية من أقرب زاوية. هذا النهج تجلّى في تحقيقات وروبورتاجات وتقارير ميدانية حول المستشفيات، غرف الانتظار، قضايا التعليم، مشاكل النقل وشكاوى الساكنة. جعل هذا التخصّص من القناة مرآةً لنبض الشارع، ومنحها مصداقية عند جمهورٍ كبيرٍ شعر أخيراً بأنه يَسمع ويُسمَع.
    هذا النوع من القرب لا يُقاس بعدد المشاهدات فحسب، بل بكيفية ملامسة القناة لحياة المواطنين اليومية. ولهذا السبب، نرى محاولات تقليد “شوف تيفي”، ظهور مواقع تُشبهها في العنوان أو اللوغو أو المقاربة دليل على أن النموذج نجح وأصبح مادة للإلهام وللتقليد. هذا الاحتضان الشعبي هو ما يجعل انتقادات بعض الكائنات المرئية و غير المرئية أموراً هامشية أمام واقع التأثير.
    لكن من حقنا أن نتساءل: لماذا كل هذه الحملة على “شوف تيفي”؟ لماذا لم تنزل “شوف تيفي” لتغطية الاحتجاجات؟ أين غابت “شوف تيفي”؟
    نحن لم نكن منغلقين يوما عن ردود المشاهدين والمتتبعين لنا، وظلت الانتقادات البناءة موجهة لعملنا، فالصحافة كأي عمل إنساني مشوبة بالنقص وهي تتطلع إلى الكمال المهني، أما بخصوص لماذا لم تنزل قناة “شوف تيفي” لتغطية احتجاجات ما سمي بجيل z، فمن حقّ كلّ مشاهد وكلّ مواطن أن يطرح أسئلة بسيطة وواضحة: لماذا هذا التوقيت بالذات للخروج إلى الشارع؟ ويبقى السؤال الأهم من هو الفاعل الذي حشد وموّل ونسّق خروج الشباب الآن والبلد مقبل على استحقاقات رياضية عالمية؟ ما هي الجهات التي تستفيد سياسياً واقتصادياً من هذا التحريك في الداخل والخارج في هذا التوقيت؟
    غياب إجاباتٍ واضحة على هذه الأسئلة التي طرحناها في “شوف تيفي” يترك المساحة للركوب السياسي. الإعلام، وخصوصاً القنوات ذات القرب الاجتماعي، مطالَب أن يطرح هذه الأسئلة بوضوح وأن يطالب بإجابات شفافة. لا يمكن لأية وسيلة إعلامية مسؤولة أن تتحوّل إلى أداةٍ في يد من يريد إحراق البلد أو المسّ باستقراره. لا يعني التضامن مع مطالب المواطنين التساهل مع من يعبث بالأمن أو يروّج للعنف. ولهذا، وجب توضيح موقف القناة:
    نقرّ بوجود مشاكل حقيقية في قطاعاتٍ جوهرية كالصحّة والتعليم، ويشهد ريبيرتوار منجزنا الإعلامي على آلاف التغطيات والتحقيقات والتقارير والبرامج الحوارية في “شوف تيفي” حول مشاكل المغاربة في هذين القطاعين بالذات، لكننا نرفض تحويل تلك المطالب إلى ذريعةٍ لزعزعةِ أمن الوطن. سنستمرّ في التغطية الميدانية، ونرفض أن نكون معولَ هدمٍ في يد من يريدون إحراق البلد مستغلّين حسن نية الشباب وحاجاتهم. فالزمن وحده سيُظهر من كان في خدمة الوطن ومن كان في خدمة أجنداتٍ أخرى. ذلك أن تساؤلاتنا لا تأتي من منطقِ إنكار المشاكل، فالمغرب يعاني من خللٍ في قطاعاتٍ جوهرية مثل الصحة والتعليم، بل من حرصٍ على عدم السماح بتحويل مطالب المواطنين إلى ذريعة لزعزعة الاستقرار وإلى خدمة جهات دخلت على الخط وتلعب في البحر المظلم للنيت بملايين الحسابات المزيفة والمدفوعة بالبترودولار، دون أن يتبين ذلك العديد من الشباب من ذوي النيات الحسنة.
    يمكن العودة إلى أرشيف قناة “شوف تيفي”، والمغاربة ليست لديهم ذاكرة ذبابة، للوقوف على التغطيات الواسعة للاحتجاجات والمظالم الاجتماعية، وعدم التلكؤ في توجيه الأنظار إلى قضايا ملموسة. لكن بالنسبة لهذه الاحتجاجات بالذات لدينا تحفظنا الموضوعي الذي عبّرنا عنه في مقالاتنا وتحقيقاتنا، نحن نرفض أي توظيف خارجي للاحتجاجات من قوىٍ تسعى لتحقيق أجنداتٍ خفية. ونؤكد الالتزام بخطّ وطني يُراعي حرمة الوطن ويصون غيرة المواطن على أمنه ومستقبله. لسنا ضد المطالبة بالحقّ لكننا بالمرصاد ضد من يريد استغلال الشباب المغربي ليصبح بيده أداة فوضى يخدم بها أجنداته السرية.
    ففي عصر وسائل التواصل، يصبح شنّ الحملات الإعلامية واستهداف قناة ناجحة من حجم “شوف تيف” أمراً سهلاً ومؤثراً، وقد تستهدف أي جهة تُعتبر مؤثرة في الجمهور، وهناك فاعلون مزيفون يسعون لخلق شهرةٍ أو نفوذٍ عبر نقد علني لقناةٍ ناجحة. نقدٌ في كثير من الأحيان يُدبّر بغرض الظهور والشهرة وليس الإصلاح.
    ليس السجال حول «شوف تيفي» صراعاً شخصياً بل معركة حول المكانة الإعلامية، ومسألة ثقة الجمهور، وحدود النقد البنّاء مقابل النقد الهادف إلى التصفيق أو التشهير. القناة التي بنت خطها على القرب من المواطن لا تفقد جوهرها لأن من يريد أن يصنع بوزاً ينتقدها، بل يقيسها بالزمن ليثبت مدى صدق موقفها. وبيننا وبينكم الزمن لتنكشف الحقائق كما انكشفت من قبل خرافة “الربيع العربي” الذي أوصل العرب إلى حالة من الذل والتشرذم، يلزمها ثلاثة أو أربعة عقود فقط لتعود إلى ما كانت عليه قبل أن تزداد أحوالها سوءا، والنماذج حية بيننا من ليبيا إلى تونس إلى اليمن إلى سوريا.. فالتاريخ لا يعيد نفسه إلا بشكل كوميدي أو تراجيدي. لهذا سيبقى شعارنا الأبدي في قناة “شوف تيفي”، ” المغرب أولا وأخيرا”.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الذكرى الـ50 للمسيرة الخضراء..صاحب الجلالة الملك محمد السادس “قائد إصلاحي كبير”