محمد السادس… صانع التحول الاستراتيجي في مسار الصحراء المغربية

محمد السادس… صانع التحول الاستراتيجي في مسار الصحراء المغربية

A- A+
  • محمد السادس… صانع التحول الاستراتيجي في مسار الصحراء المغربية

    شوف تيفي

  • يمثل الزخم الدولي المتنامي حول مغربية الصحراء أحد أبرز تجليات الرؤية السامية لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، ودليلاً واضحاً على نجاعة المقاربة المغربية القائمة على الوضوح، الحزم، والمصداقية. فبفضل التوجيهات الملكية الرشيدة، استطاع المغرب تحويل هذا الملف من قضية إقليمية مفتعلة إلى قضية سيادة وطنية معترف بها ومتجذرة في الوعي الدولي، تعبر عن منطق الدولة الراسخة. لم يعد المجتمع الدولي ينظر إلى المسألة من زاوية نزاع، بل من منظور شرعية دولة ووحدة ترابية تجسد استقراراً ونموذجاً للتنمية في محيط مضطرب.

    شهد ملف الصحراء المغربية تحولاً عميقاً في مواقف القوى الكبرى، مما عزز من مفهوم “الشرعية المغربية الدولية”. ففي العاشر من دجنبر 2020، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية اعترافها الرسمي بسيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية، معتبرة مبادرة الحكم الذاتي “الإطار الواقعي الوحيد للحل الدائم”. ولم يكن هذا القرار مجرد خطوة رمزية، بل تحولاً مؤسساً تم تثبيته لاحقاً في بيانات رسمية متتالية.

    كما حسمت فرنسا موقفها بوضوح في سنة 2025، لتؤكد على لسان رئيسها أن “الحاضر والمستقبل في الصحراء يندرجان في إطار السيادة المغربية”، وأن مبادرة الحكم الذاتي هي القاعدة الوحيدة الجدية للحل السياسي. وتبع هذا التحول الفرنسي مواقف متقاربة من دول أوروبية رئيسية أخرى مثل إسبانيا، ألمانيا، هولندا، البرتغال وبلجيكا، التي أجمعت على دعمها لمبادرة الحكم الذاتي، واعتبرت استقرار المغرب ضمانة أساسية للأمن الأوروبي.

    شكلت عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017 منعطفاً تاريخياً، حيث نجح المغرب في تفكيك العزلة الإقليمية المصطنعة التي حاول خصومه تكريسها. ولم يعد الكيان الانفصالي يحظى اليوم سوى باعتراف عدد محدود جداً من الدول، بعد أن سحبت الأغلبية الإفريقية اعترافها به. ويُعد فتح أكثر من ثلاثين قنصلية عامة في مدينتي العيون والداخلة بين 2019 و2025 اعترافاً ميدانياً واضحاً بالسيادة المغربية، يجسد انتقال الدعم الإفريقي من الخطاب إلى الفعل الدبلوماسي والمؤسساتي. وبذلك، لم تعد الصحراء تُقدَّم كمنطقة نزاع، بل كفضاء اندماج وتنمية يربط شمال القارة بجنوبها.

    على مستوى المنتظم الدولي، أصبحت لغة القرارات الأممية نفسها تتبنى المفاهيم المغربية. فمنذ سنة 2018، تخلى مجلس الأمن نهائياً عن مصطلح “الاستفتاء” واعتمد تعبيرات جديدة مستوحاة من المقاربة المغربية، مثل “الحل السياسي الواقعي والعملي والدائم القائم على التوافق”. وفي القرار رقم 2756 الصادر في أكتوبر 2024، أقر المجلس لأول مرة بوضوح أن الجزائر طرف معني مباشر بالنزاع، منهياً بذلك وهم “الحياد الجزائري” ويكرس الرواية المغربية كمرجعية أممية.

    و لا تقتصر مؤشرات الاعتراف الدولي على المواقف السياسية، بل تتجسد في الوقائع الميدانية، حيث أصبح الاقتصاد لغة جديدة للسيادة. إن فتح عشرات القنصليات، وإطلاق مشاريع استثمارية كبرى في الداخلة والعيون في مجالات الطاقات المتجددة والصيد البحري واللوجستيك، يؤكد أن الشركات الدولية الكبرى لا تنشط في منطقة نزاع، بل في إقليم مستقر يخضع لسيادة قانونية مغربية. وبذلك، أصبحت التنمية نفسها أداة دبلوماسية فاعلة تترجم الاعتراف السياسي إلى واقع مؤسسي دائم.

    إن هذا الزخم الدولي حول مغربية الصحراء ليس مجرد مكسب دبلوماسي، بل تعبير عن تحول في هندسة الشرعية الدولية. وبفضل القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس، تحول الموقف الدولي من “الاعتراف” إلى “الاقتناع”، حيث بات الإيمان عميقاً بأن مبادرة الحكم الذاتي هي الحل الوحيد الواقعي والدائم، وبأن مغربية الصحراء اليوم لم تعد موضوع نقاش، بل قاعدة انطلاق لأي تفكير مستقبلي في الحلول السياسية والتنموية.

     

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    مشادة كلامية وتبادل اتهامات ثقيلة تلغي المؤتمر التأسيسي للمرأة الحركية